اتفق الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، على الاستئناف الفورى لأعمال اللجنة البحثية الفنية المستقلة على نحو أكثر انفتاحاً وإيجابية، بهدف الوصول إلى تصور نهائى بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتجاوز أى تداعيات سلبية قد نتجت عن التناول الإعلامى للتصريحات التى نُسبت مؤخراً إلى الجانب الإثيوبى. الرئيس فى قمة "أفريقيا - روسيا": قارتنا تضطلع بجهد كبير لوضع أطر لحوكمة الشركات والأسواق المالية ومنفتحون للتعاون مع كافة الشركاء وأكد الرئيس اليوم خلال لقائه بمدينة سوتشى مع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد أن مصر طالما أبدت انفتاحاً وتفهماً للمصالح التنموية للجانب الإثيوبى بإقامة سد النهضة، إلا أنها فى الوقت نفسه تتمسك بحقوقها التاريخية فى مياه النيل، ومن ثم يتعين ألا تكون مساعى تحقيق التنمية فى إثيوبيا على حساب تلك الحقوق، وأن إقامة السد يجب أن تتم فى إطار متوازن ما بين مصالح دول المنبع والمصب، موضحاً أن نهر النيل بامتداده من الهضبة الإثيوبية إلى مصر يعد بمثابة شريان تعاون وإخاء وتنمية، ويجب ألا يكون مصدراً لأية مشاكل أو تناحر، وأن مساحة التعاون المشترك فى هذا الإطار من المفترض أن تطغى على أية فرصة للخلافات. وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن اللقاء تناول التباحث حول ملف سد النهضة، فى ضوء آخر التطورات فى هذا الصدد، حيث أكد «آبى أحمد» أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبى بشأن ملف السد تم اجتزاؤها خارج سياقها، وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادةً وشعباً وحكومةً، موضحاً أن تصريحاته تضمنت الإعراب عن التزام إثيوبيا بإقامة سد النهضة بدون إلحاق الضرر بدولتى المصب، وأن الحكومة والشعب الإثيوبى ليس لديهم أية نية للإضرار بمصالح الشعب المصرى، وأن استقرار مصر وإثيوبيا هو قيمة وقوة مضافة للقارة الأفريقية بأسرها، مع التشديد على أنه، بصفته رئيساً لوزراء إثيوبيا، ملتزم بما تم إعلانه من جانب بلاده بالتمسك بمسار المفاوضات وصولاً إلى اتفاق نهائى. "السيسى": مصر تتمسك بحقوقها التاريخية فى مياه النيل وتتفهم المصالح التنموية للجانب الإثيوبى من إقامة السد وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى الكلمة الافتتاحية للقمة الأفريقية الروسية، اليوم، أن دول الاتحاد الأفريقى تسعى للبناء على ما شهدته القارة من نمو اقتصادى ملموس خلال السنوات العشر الأخيرة، خاصةً من خلال المضى قدماً لتحقيق التكامل عن طريق استكمال كافة المشروعات القارية التى تهدف إلى الاندماج الإقليمى، كما تضطلع الدول الأفريقية بجهد كبير لوضع أطر لحوكمة الشركات والأسواق المالية بما يزيد من استقرار أسواقها وجاذبيتها للمستثمرين الخارجيين. خطتنا الطموحة لإسكات البنادق بحلول 2020 إحدى أهم الخطوات لتحقيق الاستقرار فى القارة وأضاف الرئيس السيسى، أننا نجتمع فى أول قمة تضم دول قارتنا الأفريقية وروسيا الاتحادية تحت شعار «من أجل السلم والأمن والتنمية»، بعد انقضاء قرابة 3 شهور على القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقى التى استضافتها نيامى فى 7 يوليو 2019 والتى شهدت إطلاق الأدوات التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ. وتعد هذه الاتفاقية إحدى أهم ركائز الأجندة التنموية للاتحاد الأفريقى 2063، حيث تسعى إلى تعزيز جهود الاندماج الإقليمى وزيادة تنافسية القارة الأفريقية على المستوى العالمى، وتحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاعات ذات الأولوية للدول الأفريقية وعلى رأسها الصناعة والطاقة والزراعة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. وأعرب فى بداية كلمته عن الامتنان والتقدير للرئيس فلاديمير بوتين، ولشعب روسيا الاتحادية الصديق، ولمدينة سوتشى الرائعة على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم الذى لمسته كافة الوفود الأفريقية منذ وصولها إلى روسيا. كما توجه بالشكر إلى كافة الجهات المنظمة على الإعداد المتميز وما بُذل من جهد لإطلاق النسخة الأولى من قمة «أفريقيا - روسيا» التى ندشن أعمالها اليوم. وقال «السيسى»: «إنه لمن دواعى سرورى أن أتحدث فى هذا المحفل الهام وأمام هذا الجمع المتميز من على أرض روسيا الاتحادية، أحد أهم الفاعلين على الساحة الدولية، وأحد أهم أصدقاء قارتنا الأفريقية»، مضيفاً: «لقد قطع التعاون الأفريقى الروسى أشواطاً طويلة منذ منتصف القرن الماضى الذى شهد تضامن روسيا مع الدول الأفريقية فى كفاحها ضد الاستعمار، وإسهامها مادياً ولوجيستياً ومعنوياً دعماً لحركات التحرر الأفريقى على امتداد القارة، ولقد ثبت على مدار السنوات أن الشعوب الأفريقية والشعب الروسى يربطهما الكثير من ركائز التعاون ويتماثلان فى العديد من التطلعات، وكذلك التحديات، وهو الأمر الذى يؤكد صواب رؤية إطلاق تعاون أفريقى روسى أوسع وأرحب وأشمل يعكس تلك التطلعات، ويوفر مساحة أكبر للتنسيق ارتباطاً بالتحديات المتسارعة التى نواجهها فى إطار عالم ديناميكى ومتغير». مواجهة الإرهاب تعد أولوية متقدمة لأجندة السلم والأمن الأفريقية والدولية وأشار الرئيس إلى أننا نعى التحديات التى تواجه جهود ترسيخ الاستقرار فى القارة الأفريقية، ولعل خطتنا الطموحة لإسكات البنادق بحلول عام 2020 تعد إحدى أهم الخطوات لتحقيق هذا الهدف الأسمى، وهو الموضوع الذى سيكون على رأس أولويات عمل القادة الأفارقة خلال العام القادم فى ضوء أهميته لتحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية فى العيش فى سلام ورخاء. وقال الرئيس إنه فى هذا الإطار تبرز الحاجة الماسة لدعم سياسة الاتحاد الأفريقى الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات ودعم أنشطة مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات الذى تستضيفه مصر، وخطط العمل التنفيذية التى تُحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتسعى إلى بناء قُدرات مؤسسات الدولة لتضطلع بمهامها فى حماية أوطانها ترسيخاً للاستقرار والسلام. "آبى أحمد": تصريحاتى أمام البرلمان الإثيوبى تم اجتزاؤها خارج سياقها ومن هذا المنطلق، أكد الرئيس السيسى الالتزام بالتفاعل مع الأطراف الإقليمية والدولية فى ضوء إدراكنا لأهمية تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية والدولية فى إطار يرتكز على مبادئ احترام القانون الدولى والمساواة فى السيادة وعدم التدخل فى الشأن الداخلى للدول وحل النزاعات بالطرق السلمية، وإعلاء قيم العمل متعدد الأطراف. وأضاف: يتعين علينا أن نتذكر جميعاً أن مواجهة الإرهاب تعد أولوية متقدمة لأجندة السلم والأمن الأفريقية والدولية، ومع إدراكنا لصعوبة تلك المعركة وتعقيداتها، تظل المواجهة الشاملة هى الطريق الأمثل لاجتثاث جذور الإرهاب ومحاصرته. وقال إن القارة الأفريقية منفتحة للتعاون مع مختلف الشركاء، وإننا نأمل من خلال قمتنا أن نرسى قواعد التعاون الأفريقى الروسى للسنوات المقبلة مع تأكيدنا أهمية توسيع وفتح آفاق هذه العلاقة لتشمل الجوانب التجارية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتى يجب أن تأتى إعمالاً لمبدأى الشراكة العادلة بين الدول الأفريقية وروسيا فى إطار يضمن المكسب للجميع، وملكية الدول الأفريقية لمقدراتها. واتصالاً بتركيز القمة الحالية على موضوع «السلم والأمن والتنمية»، أضاف الرئيس: «لا يفوتنى فى هذه المناسبة أن أشير إلى اعتزام مصر إطلاق النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة يومى 11 و12 ديسمبر 2019، ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع فيها قادة السياسة والفكر والرأى وصناع السلام وشركاء التنمية فى مدينة أسوان جوهرة النيل، والتى تعبر بحق عن الهوية الأفريقية لمصر». وقال الرئيس إننا سنعمل على أن يوفر المنتدى منصة دائمة للحوار والتفاعل بين القادة وصانعى القرار والخبراء من كافة دول القارة الأفريقية وخارجها، تُعنى بالعلاقة بين السلام من ناحية والتنمية المستدامة من الناحية الأخرى، من أجل وضع الآليات ذات الصلة القائمة بالفعل موضع التنفيذ وتفعيلها فى السياق الأفريقى. ووجه الرئيس السيسى الدعوة للرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية وأشقائه رؤساء الدول الأفريقية للمشاركة فى أعمال المنتدى والإسهام فى مناقشاته بهدف إثراء التفاعل حول موضوعاته الرئيسية. وفى الختام، أكد الرئيس السيسى تطلعه لخروج القمة بخلاصات تصب فى مصلحة الشعوب الأفريقية وشعب روسيا الصديق، وأن تمهد مخرجاتها للمزيد من التعاون الروسى الأفريقى فى المستقبل.