فى هدوء وطمأنينة ظهر الشيخ محمد عبدالمقصود، أحد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، فى قناة «رابعة» بتركيا، مرتدياً جلباباً أسود، يغطى رأسه بطاقية بيضاء، فى هيئة يشترك فيها مع علماء العالم الإسلامى الوقورين، أولئك الذين «يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، ظهر الرجل بعد غياب طويل بعد أن تمكن من الهرب إلى تركيا التى تستضيف بعض قيادات تنظيم الإخوان، جلس بين يدى المذيع «الإخوانى» الذى طلب منه فتوى شرعية بخصوص مواجهة رجال الشرطة والجيش فى مصر، أفتى الشيخ بكل أريحية ب«جواز حرق سيارات الشرطة، ومداهمة منازل الضباط»، مؤكداً شرعية ذلك، لردعهم، ثم أضاف قائلاً: «نحن مع السلمية». الفتوى التحريضية الأخيرة لمحمد عبدالمقصود، المولود فى 14 يوليو عام 1947 بمحافظة المنوفية، لم تكن الأولى من نوعها، فقد اعتاد «شيخ التناقضات» و«مفتى الإرهاب»، كما يصفه البعض، على إطلاق الفتاوى التى تُحدث بلبلة فى الرأى العام المصرى، حتى اتهمه البعض بأنه «صاحب منهج متلون وغير واضح»، فهو من وقف أمام رئيسه المعزول فى مؤتمر «نصرة سوريا» باستاد القاهرة قبيل ثورة 30 يونيو بأيام، ليفتى ب«عدم جواز التظاهر ضد مرسى»، واصفاً المتظاهرين ضد الرئيس بأنهم من «الخوارج»، وأن حرق سيارات الشرطة والجيش «حرام»، داعياً على الملأ: «أسأل الله أن يجعل يوم الثلاثين من يونيو يوم عز للإسلام والمسلمين، وكسر لشوكة الكافرين والمنافقين». غير أن أحداً لم يُعِر فتوى «عبدالمقصود» أى اهتمام، على العكس تماماً خرج الناس فى مظاهرات حاشدة ليسقطوا الرئيس ونظامه، أُسقط فى يد رئيس «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، لكنه لم يُكذب خبراً، ظهر على منصة «رابعة» حيث اعتصم «الإخوان»، ليخطب فيهم بصوت مرتفع قائلاً: «إن تأييد مرسى بات أكثر أهمية من الاعتكاف بالمساجد فى أواخر شهر رمضان»، وإن «الصمود أمام رجال الجيش والشرطة فريضة»، وظل يحشد أتباعه فى مواجهة الدولة مستخدماً أناشيد الثورة الإسلامية والشهادة قائلاً: «أتمنى لو أتلقى رصاصة فى جبهتى وتبقى الشرعية»، قبلها بأيام ظهر الشيخ الحاصل على درجة الماجستير من جامعة الأزهر، على المنصة المنصوبة أمام مسجد رابعة العدوية ليلقى مقولته الشهيرة: «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار»، وعندما جاءت اللحظة الحاسمة فى منتصف أغسطس من العام الماضى لفض اعتصامى «رابعة» و«النهضة»، قرر الشيخ التخلى عمن كان يحرضهم، وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم، مصدراً فتوى يبيح فيها لأتباعه وقيادات ما يعرف ب«تحالف الشرعية» حلق اللحية، بدعوى أنهم «فى وقت ابتلاء»، ثم اختفى تماماً وكأنه «فص ملح وذاب»، إلى أن ظهر مؤخراً على قناة «رابعة العدوية» التى تبث برامجها من تركيا ليحرض على الجيش والشرطة، تاركاً المهمة لأتباعه فى مصر.