لا أرى وجهاً للمقارنة بين جمعة 24 أغسطس، وجمعة 31 أغسطس التى دعت إليها اليوم مجموعة من الحركات والأسماء الثورية المعروفة. فشتان ما بين الدعوة لإسقاط دولة، والإصرار على استكمال مطالب ثورة يناير، وعلى رأسها: الإفراج عن المعتقلين فى أحداث الثورة، وتحقيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ومحاكمة قتلة الشهداء ورموز النظام السابق والكشف عن هوية منفذى جريمة رفح ومحاكمة المتورطين فيها واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج وأيضا الوقوف ضد أخونة الدولة. الأصوات الهاتفة بهذه المطالب لا بد أن تصل الآن إلى أذن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، بعد أن استطاع أن يحقق المطلب الأول والأهم للثورة والمتمثل فى التخلص من الحكم العسكرى. وقد آن الأوان -بعد أن خلص الحكم له باختيار الشعب- أن يلتفت إلى منظومة المطالب الأخرى. فلا خلاف على أن تحقيق مستوى معيشى مناسب ومحاربة فكرة الاحتكار الاقتصادى، والاستحواذ السياسى وتحكيم القانون بشكل عادل على قتلة الثوار وناهبى أموال الشعب أمور مشروعة لا يختلف عليها عاقلان! ولكى نكون منصفين لا بد أن نعترف أن هذه ليست مجرد مطالب بل هى وعود قطعها الدكتور «مرسى» على نفسه، خلال جولة إعادة الانتخابات الرئاسية ومن حق الناس أن تطالبه بالوفاء بها. فقد وعد بالإفراج عن المعتقلين فى السجون العسكرية خلال أحداث الثورة، ومع ذلك ما زال هناك آلاف الشباب يعيشون وراء قضبان العسكر، ووعد بإعادة محاكمة «المخلوع» ورجاله يوم غضب الناس على الأحكام التى صدرت بحقهم فى قضية قتل المتظاهرين، فقد خرج عليهم ساعتها باذلاً لهم هذا الوعد وطالبهم بانتخابه حتى يستطيع تفعيله. ها هو الآن رئيس لمصر، وقد آن له أن يتحرك ضد من قتلوا وضد من نهبوا! أما مواجهة أخونة الدولة فيرتبط بوعد «مرسى» للشعب بأن يكون رئيساً لكل المصريين وأن يخلع جلباب الإخوان، وعباءة حزب الحرية والعدالة على عتبة قصر الرئاسة. والوقوف فى وجه محاولات الأخونة فيه فائدة كبرى لكل من الدولة والجماعة معاً. فعلى مستوى الدولة سوف يؤدى هذا التوجه إلى إسقاط مبدأ أهل الثقة عند اختيار القيادات والكوادر العاملة فى المواقع المختلفة، وسوف يعلى من قيمة الكفاءة عند الاختيار، وتلك هى منصة الانطلاق نحو الإصلاح. وسوف تستفيد الجماعة هى الأخرى من ذلك، إذ لن تقبع وحدها فى وجه المدفع ويحسب عليها كل خلل أو تقصير فى الأداء العام لمؤسسات الدولة، والأخطر أن مواجهة محاولات الأخونة يعد حماية للإسلام ذاته، فى حالة إخفاق الجماعة فى تفعيل المشروع الإسلامى، على أساس أن الإخوان ليسوا حجة على الإسلام.. والحق أحق أن يتبع!