هربا من أزمة جمهورية القرم وبحثا عن الأمان بعيدا عن القوات الروسية، وجدت مجموعة من التتار ملجأ لها في مدينة لفيف الأوكرانية. وتقول والدة ثلاثة أطفال: "سأبقى خائفة على أطفالي طوال فترة تواجد القوات الروسية في القرم". وتضيف: "هنا أشعر بالأمان". وهي واحدة من 200 شخص من سكان القرم، الذين قبلوا دعوة السلطات في لفيف للقدوم والبقاء في هذا المعقل الأوكراني القومي في غربي البلاد، بالقرب من الحدود مع بولندا. وقد وقعت جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي تحت سيطرة القوات الروسية بحكم الأمر الواقع. كما صوت برلمانها بالإجماع على الانضمام إلى روسيا الأمر الذي يزيد من احتمال انقسام أوكرانيا. ويشكل التتار غالبية سكان القرم الذين يلجأون إلى لفيف. والتتار أقلية مسلمة في القرم طردوا إلى سيبيريا وآسيا الوسطى تحت حكم الزعيم السوفيتي جوزف ستالين في الأربعينات، ولم يعودوا إلا بعد سقوط السوفيات في 1991. وهم يرون في تقدم القوات الروسية في القرم منذ أواخر فبراير الماضي إنذارا خطيرا. وفي لفيف، استقبل رئيس المجلس الإقليمي ليترو كولوديي القادمين الجدد. وكان المجلس أنشأ خط اتصال مباشر لأي شخص يريد المجيء إلى المدينة. وقال كولوديي للقادمين الجدد "مثل كل الأوكرانيين، أنتم تواجهون وضعا صعبا أوجده الكرملين. ولفيف تمد يدها لكم". وأضاف: "عندما كنت صغيرا، قالت لي جدتي إن لفيف استقبلت أشخاصا من شرقي أوكرانيا خلال المجاعة الكبرى (1932-1933) وشاركتهم في آخر قطعة رغيف لديها". وتابع: "نحاول أن نقدم لأهالي القرم ما نستطيع". وبالإضافة إلى التتار، لجأت عائلات الجنود الأوكرانيين في القرم إلى لفيف. ويرفرف علم للبحرية الأوكرانية فوق مقر البلدية في لفيف في إشارة تضامن مع الجنود الأوكرانيين. وكان أحد ضباط الاحتياط قدم العلم إلى رئيس بلدية المدينة. ومنذ الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش الشهر الماضي، حاصرت القوات الروسية عددا من القواعد العسكرية الأوكرانية في القرم، حيث تندلع بعض المناوشات من وقت إلى آخر. ونفت موسكو إرسال قواتها إلى المنطقة، فيما تصر على حقها في حماية مواطنيها. وفي رسالة متلفزة، دعا رئيس بلدية لفيف أندريه سادوفي سكان القرم إلى عدم تصديق الدعاية الروسية، بأن موسكو تريد الدفاع عن شعبها في شبه الجزيرة ضد متشددين أوكرانيين غربيين. وقال باللغة الروسية، متوجها إلى الغالبية الناطقة باللغة الروسية في القرم: "إنني أؤكد لكم أننا نريد تطورا سلميا لأوكرانيا كافة". وأوكرانيا منقسمة بين غالبية مؤيدة لموسكو في الشرق وغالبية مؤيدة لأوروبا في الغرب الذي يشمل لفيف والعاصمة كييف. وبدوره، قال عالم علييف ممثل تتار القرم في لفيف إنه متفائل حول مستقبل المنطقة، مشيراً إلى أن رجال التتار يرسلون عائلاتهم بعيدا ليبقوا ويدافعوا عن أرضهم. وأضاف: "ستبقى القرم جزءا من أوكرانيا طالما بقي التتار فيها". وحذر علييف من أن التتار سيبدأون حرب ميليشيات ضد القوات الروسية إذا لم يغادر هؤلاء المنطقة. وقال سنرقص رقصات التتار التقليدية والرقصات الأوكرانية التقليدية "فوق بقايا طموحات بوتين ما بعد الإمبريالية".