تواصلت تداعيات الأزمة الأوكرانية التى باتت تهدد بنشوب حرب عالمية ثالثة بسبب سعى روسيا للحفاظ على مصالحها، فى مقابل سعى الولاياتالمتحدة للسيطرة على منطقة النفوذ الروسى التى ظلت لسنوات طويلة منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتى تحت مظلة الرعاية الروسية، وعلى خلفية التداعيات المستمرة، أكد مصدر إعلامى فى قيادة القوات الصاروخية الاستراتيجية الروسية أن تجربة لإطلاق صاروخ باليستى عابر للقارات من طراز «آر. إس. 12 إم توبول»، تمت فى وقت متأخر من مساء أمس الأول من ميدان التدريب «كايوستين يار»، موضحاً أن الهدف الرئيسى من إطلاق الصاروخ هو اختبار الرأس القتالى الواعد للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، فيما أكد مسئولون أمريكيون أن تجربة روسيا الصاروخية كان مخططاً لها فى وقت سابق قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، ووصفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى كاتلين هايدن، التجربة الصاروخية ب«الروتينية». وعلى الساحة الأوكرانية، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية -فى تصريحات لوكالة أنباء «فرانس برس» الفرنسية- أن القوات الروسية سيطرت جزئياً على قاعدة لإطلاق الصواريخ فى غرب شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وأوضح المصدر نفسه أن مركز قيادة ومركز مراقبة القاعدة لا يزالان تحت السيطرة الأوكرانية. فى الوقت ذاته، قال الرئيس الأوكرانى الأسبق فيكتور يوشينكو، إن «روسيا هى الاتحاد السوفيتى اليوم ولكن باسم مختلف»، مؤكداً أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يسعى ل«إقامة اتحاد سوفيتى جديد»، وخلال لقائه مع إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية، قال: «بوتين يسعى لإحياء نوع من الإمبراطورية السوفيتية، ولكنها تحمل اسم روسيا»، مشيراً إلى أن الرئيس الروسى، قال مؤخراً إن انهيار الاتحاد السوفيتى شكل مأساة كبيرة، ورداً على سؤال حول ما إذا كان يرى أن الغرب يقوم بدور صحيح فى الأزمة الحالية، قال إنه «خلال ال22 عاماً الماضية، هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها الغرب عن أوكرانيا كعامل جيوسياسى»، مثنياً على الدور الدبلوماسى الفرنسى فى مجلس الأمن الدولى، وأضاف: «بوتين يخشى من أمرين: رد الفعل الدولى والاستجابة الدولية ورد فعل شعبه». وفى إطار الصدام الحاد بين «واشنطن»و«موسكو»، أعلن رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب الأمريكى مايكل روجرز، فتح تحقيق ضد إحدى وكالات الاستخبارات الأمريكية بسبب فشلها فى التنبؤ بتحركات الرئيس الروسى، وقال «روجرز»: «أبلغت الوكالة النواب بأن الرئيس الروسى لن يجرؤ على فرض سيطرته على شبه جزيرة القرم جنوبأوكرانيا. وأمرت بإعادة النظر فى جميع التحاليل التى قدمتها الاستخبارات الأمريكية التى أدت نهاية الأسبوع الماضى إلى استنتاج أن حشد القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا فى إطار تدريبات مفاجئة، لم يكن إلا مناورة سياسية». من جانبه، أكد رئيس وزراء جمهورية القرم ذات الحكم الذاتى سيرجى أكسيونوف، أن قيادة الجمهورية غير مستعدة فى الوقت الراهن للتفاوض مع كييف، إذ تعتبر السلطة الحالية هناك غير شرعية، لافتاً إلى أن «اتصالاته مع ممثلى مجلس (النواب) الأوكرانى كانت محدودة جداً. فنحن لا نعتبر هذه السلطات التى تدعونا إلى المفاوضات شرعية، وهذه هى المشكلة الرئيسية»، مشيراً إلى أن سكان الجمهورية هم الجهة الوحيدة التى يمكن أن تقرر مسألة الخروج من قوائم أوكرانيا. وفى إطار الحرب الدبلوماسية بين الجانبين، أعلن ألكسندر لوكاشيفيتش، الناطق الرسمى باسم وزارة الخارجية الروسية أن التهديدات التى تصدر عن واشنطن فى الأيام الأخيرة «بمعاقبة» روسيا نتيجة لنهجها المبدئى بصدد تسوية وضع الأزمة فى أوكرانيا «تثير مشاعر الكآبة ليس فقط بسبب فقدان أبسط المعارف التاريخية لدى الذين يتحدثون بحماس عن هذا الموضوع»، وأضاف: «كلما يحدث شىء لا ينطبق مع المنظومة الأمريكية المتعفنة، يبرز أولئك الذين يفضلون رفع عصا العقوبات، حتى صار هذا الأمر يحدث لدى الأمريكان على مستوى ردود الفعل الانعكاسية»، فيما اتهمت الولاياتالمتحدة، روسيا، بالبحث عن «ذريعة» ل«اجتياح» أوكرانيا، واستخدم وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، لهجة أكثر حزماً لانتقاد الرئيس الروسى، وقال: تصريحات الرئيس الروسى لا تخدع أحداً. فى حال لم تقرر روسيا وضع حد للتصعيد، وإذا كانت غير راغبة فى العمل مباشرة مع حكومة أوكرانيا كما نأمل، فلن يكون أمام حلفائنا من خيار سوى الانضمام إلينا فى الذهاب إلى ما هو أكثر من الإجراءات التى اتخذناها خلال الأيام القليلة الماضية لعزل روسيا على الصُّعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية». فى الوقت ذاته، أعلن مسئول أمريكى بارز -رفض الكشف عن هويته- رغبة الولاياتالمتحدة فى «تقديم مخرج للرئيس الروسى بالتعاون مع أوروبا، الفكرة التى أشار إليها الرئيس باراك أوباما خلال الاتصال الهاتفى مع نظيره الروسى، السبت الماضى، تقضى بالرد نقطة بنقطة على القلق الذى عبرت عنه موسكو حيال الوضع فى أوكرانيا».