سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبدالله جاد.. شعره الطويل ألقى به فى السجن لأنه «شكل بتوع 6 أبريل» خرج للمشاركة فى تأييد «السيسى» بالتحرير فقبض عليه والتهمة «إرهابى».. ووالده: «فوضت السيسى عشان يقبض على ابنى»
«شعرك طويل وشبه بتوع 6 أبريل».. جملة خرجت من فم أحد الضباط، بجوار قسم الأزبكية، كانت سببا لإيداع عبدالله جاد، الشاب الذى لم يتجاوز عمره العقد الثانى، بالسجن، متهما بالإرهاب وقتل الثوار، بعدما خرج من منزله، فى الزاوية الحمراء، للمشاركة فى الاحتفالات بالتحرير التى دعت لها الحملات المؤيدة للمشير عبدالفتاح السيسى فى ذكرى الثورة. خط سير المواصلات من منزله إلى «التحرير» ينتهى به حتما بجوار قسم الأزبكية، بعد لحظات من الوصول جلس ينتظر أصدقاءه، ليشتعل الموقف، طلقات هنا وأصوات اشتباكات هناك، يرتبك، فهو غير معتاد على تلك المواقف، يهاتفه فى تلك اللحظات الصعبة والده: «ارجع يا عبدالله الدنيا عندك قلق»، فيقرر العودة، دقائق وتهاتفه شقيقته فيرد بصوت متهدج: «حواليا ضرب نار ومش عارف أتحرك»، القلق ينتاب العائلة، ويتوجه «عبدالله» إلى أحد الضباط المرابطين بجوار القسم باحثا عن طريق للابتعاد عن طلقات النيران والخرطوش فى محيط القسم، وبمجرد الاقتراب من الضابط حتى أمسك به من شعره، وقال: «شعرك طويل وشبه بتوع 6 أبريل»، وسلمه إلى عدد من العساكر ألقوا به داخل القسم، ولم يعر أحد اهتماما لمحاولاته المستميتة وصيحاته لتوضيح موقفه وسبب وجوده مصادفة بجوار القسم. «التليفزيون طمنا انزلوا الشرطة والجيش هيحموكوا والدنيا زى الفل»، يقولها والده، أحمد جاد، رجل خمسينى، موظف بالسفارة الأمريكية، بصوت محمل بالندم على ترك نجله يخرج للمشاركة فى احتفالات ميدان التحرير مع مؤيدى السيسى، وربما يكون أيضاً لمشاركته هو ذاته فى تفويض «السيسى»، والقوات المسلحة فى جمعة «التفويض»، وأحداث 30 يونيو: «فوضت السيسى عشان يقبض على ابنى». بعد دقائق من القبض عليه، عاودت العائلة الاتصال به ولكن الهاتف مغلق، ساعات مرت كالدهر، حتى شاهد أخوه الأكبر تدوينة لأحد أصدقائه على موقع التواصل الاجتماعى، يناجى فيها رفقاء «عبدالله»: «من يعرف طريقا للوصول لعائلة عبدالله يبلغهم بأنه قبض عليه وهو فى قسم الأزبكية».. خرجت العائلة بالكامل صوب القسم، بأمل عودته.. السؤال يتكرر داخل القسم عن المقبوض عليهم ولكن دون جدوى ولا أحد يجيب: «من الساعة 4 للساعة 12 بالليل قاعدين قدام القسم ومش عارفين ابننا فين». فى قسم قصر النيل، الذى رُحل إليه «عبدالله» بعد احتجازه الليلة الأولى فى قسم الأزبكية، كان اللقاء الأول بين الوالد ونجله، دقيقة واحدة كانت مدة اللقاء، كلمات معدودة، نظرات دامعه «ابنى كان موجود وسط 70 معتقل فى غرفة متر فى متر»، يوم بعد الآخر الزيارة مستمرة يوميا، فى نفس المكان، ونفس المدة، تتعلق العائلة بمحامٍ تلو الآخر، والكل يرفض المثول للدفاع عن عبدالله «خايفين القضية سياسية وكلها لبش ومفيش محامى عايز يدافع عن ابنى»، حتى يطرق الأب أبواب المنظمات الحقوقية ومحاميها، الذين يتكفلون بالدفاع عن عبدالله ضمن العديد من المتهمين فى نفس القضية. استمر حبس «عبدالله» أربعة أيام، وجدد له 15 يوما، رغم ما أورده أحد المحامين الحقوقيين، فى حديثه لوالده، عن عدم وجود أحراز فى محضر القسم، رغم التهم الموجهة إليه، من شغب، والانضمام لجماعة إرهابية، ويكون رد أحد وكلاء النيابة، حسب قول «أحمد جاد» والده: «الأمر بيجيلنا من فوق مقدرش أخرجهم دلوقتى». رحيل «عبدالله» عن قسم قصر النيل إلى سجن أبوزعبل زاد من الهم على عاتق والده، الذى يحافظ على هدوئه وسط العائلة فى المنزل، فوالدته مريضة بالقلب، وعلى مشارف عملية جراحية، ولا تتوقف عيناها عن الدموع: «بأى منطق وأى وصف يحول طالب جامعى إلى سجن أبوزعبل وسط المجرمين وقطاع الطرق؟ جرح فى القلب أن ابنك فى بلدك ويتهان بالطريقة ديّه». وقف الوالد يشاهد نجله، وهو مقيد ب«الكلبشات»، يخرج من عربة الترحيلات، ويمسك به أحد العساكر من الخلف، فى مشهد أخرجه عن صمته، وأجهش فى البكاء «باصرف على ابنى كتير جدا وفى الآخر ألقى ابنى نازل بالحديد وحته قماشة بتغطى جسمه، أشوف منظر ابنى كده ليه وفى قلب مصر، إزاى؟!»، يتمالك نفسه، ويشد نجله الأكبر على يده، ويستكمل بصعوبة الطريق، للبحث عن براءة ابنه: «قصة ابنى متعلمش الواحد يحب مصر.. وكرهونا فى البلد يعنى نروح نسيب البلد ونهاجر، ولا نروح نعيش فى إسرائيل أفضل لنا؟». القلق يعاود «أحمد» كلما سنحت له الفرصة فى الجلوس وحيدا، يدور فى خلده مصير نجله بعد خروجه من السجن: «يا ترى هيطلع عامل إزاى، هيعيش حاقد على البلد وحاسس بالظلم، بتحببوا الناس فى مصر ولا بتكرهوهم فيها، مش هى ديّه الدولة بتاعتنا.. كفرنا بالثورة وكفرنا بالبلد ومش عارفين». أخبار متعلقة 5 معتقلين ب«الصدفة»: «إحنا بتوع الأوتوبيس» محمد عامر.. مقبوض عليه بسبب «جهاز لاسلكى» «أنا مش معاهم»..الأمن كان يطارد الإخوان.. ووجد «بلال» بطريقه.. فقبض عليه عندما صرخ الضابط: «هاتولى الواد الفلسطينى اللى هناك» محمود حسن.. عريس فى المعتقل بتهمة «حيازة بدلة فرح» عبدالله جاد.. شعره الطويل ألقى به فى السجن لأنه «شكل بتوع 6 أبريل»