تركزت عمليات القصف والاشتباكات بشكل عنيف، اليوم، في ريف دمشق، في ما يبدو أنه جبهة جديدة فتحتها القوات النظامية للسيطرة على العاصمة، في وقت اتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الولاياتالمتحدة بأنها "اللاعب الرئيسي" في تشجيع مقاتلي المعارضة على محاربة نظام بشار الأسد. ومن جانبه، دعا نائب الرئيس السوري فاروق الشرع إلى "وقف العنف من قبل كل الأطراف" كشرط أساسي لتحقيق تسوية سياسية، وذلك غداة تصريح للمعلم أنه لن يتم إطلاق أي مفاوضات مع المعارضة قبل "تطهير" سوريا من "الإرهابيين". وكان معارضون قد تحدثوا عن وضع الشرع المتحدر من درعا (جنوب) قيد الإقامة الجبرية، بسبب خلافات مع النظام، وكان ظهوره قبل يومين مستقبلا مسؤولا إيرانيا الأول له منذ أكثر من شهر. ميدانيا، شهدت مدينة جرمانا المختلطة وذات الغالبية المسيحية والدرزية في ريف دمشق تفجيرا بسيارة مفخخة استهدف مشيعين، ما أدى إلى مقتل 12 وجرح 48 بحسب التلفزيون السوري الرسمي، في حين اتهم المجلس الوطني السوري النظام بالوقوف وراء التفجير للتغطية على "مجزرة" داريا التي قتل فيها أكثر من 300 مدني أخيرا وفق ناشطين. من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "9 مواطنين قتلوا وأصيب نحو 46 إثر التفجير الذي استهدف موكب تشييع مواطنين اثنين موالين للنظام في ضاحية جرمانا". وأفاد مسؤول عسكري أن "الجنازة كانت تتجه صوت المقبرة نحو الساعة الثالثة، عندما انفجرت سيارة مفخخة كانت مركونة إلى جانب الطريق". وذكر مصور وكالة فرانس برس من المنطقة أن الانفجار "أدى إلى تضرر عدد من الأبنية بشكل كبير"، مضيفا أن واجهة أحد المباني "دمرت بالكامل". من جانبه، اتهم الناطق باسم المجلس الوطني السوري جورج صبرا، النظام السوري بالوقوف وراء التفجير. وقال، في تصريح له، "إن النظام أراد بهذا التفجير اليوم "التغطية على مجزرة شكلت ذروة المجازر البشعة"، مضيفا أن الهدف الثاني هو "معاقبة أهل جرمانا المختلطة طائفيا وذات الغالبية المسيحية والدرزية على احتضان النازحين من المجازر في المدن المجاورة مثل داريا وزملكا وحرستا وعربين وغيرها". وفي ريف دمشق أيضا، أفاد المرصد أن بلدة زملكا "تتعرض لقصف عنيف من قبل القوات النظامية السورية، ما أسفر عن سقوط جرحى بعضهم بحالة خطرة". وبث ناشطون على الإنترنت شريط فيديو ظهرت فيه 5 جثث لشبان تظهر عليهم آثار تعذيب، وقال الناشطون إن القوات النظامية أعدمتهم ميدانيا في حي القدم الدمشقي. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن "اشتباكات عنيفة تدور في أول حي تشرين في دمشق بين الجيش الحر وقوات الأمن والشبيحة". وفي مدينة حلب، تحدث المرصد عن "تعرض أحياء الكلاسة والإذاعة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية"، لافتا إلى "اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الثائرة في صلاح الدين والإذاعة". وتعرضت عندان في ريف حلب لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى لسقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل. وقال المرصد أيضا إن حيي الخالدية وجورة الشياح في مدينة حمص تعرضا للقصف من قبل القوات النظامية، مشيرا إلى اشتباكات في مدينة القصير بالريف رافقها قصف من القوات النظامية. وبلغت حصيلة العنف في سوريا الثلاثاء بحسب المرصد السوري 97 قتيلا، هم 62 مدنيا و11 مقاتلا معارضا، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 24 جنديا نظاميا. سياسيا، اتهم المعلم في مقابلة أجراها معه الصحفي روبرت فيسك ونشرتها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، الثلاثاء، الولاياتالمتحدة بأنها "اللاعب الرئيسي" في تشجيع مقاتلي المعارضة على محاربة نظام الأسد. ورأى أن الولاياتالمتحدة "قد تكون تستخدم سوريا للحد من نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وبالغت في تصوير القدرات النووية الإيرانية لبيع أسلحة إلى الدول العربية الخليجية". كما اتهم المعلم الولاياتالمتحدة بدعم الهجوم العسكري لمقاتلي المعارضة من خلال تزويدهم بمعدات اتصال، معتبرا أن هذا يعني دعما للإرهاب. ونفى المعلم التكهنات بأن نظام الأسد سيستخدم أسلحة كيميائية إذا أصيبت سلطته بضعف أكبر، مؤكدا أن "مسؤولية الحكومة حماية شعبها". من ناحية أخرى، نقلت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من النظام، عن مدير مكتب الشرع، قول الأخير خلال استقباله رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي، الأحد، إن "الأساس لتسوية الأزمة في سوريا من دون شروط مسبقة يتمثل بوقف العنف من كل الأطراف والدخول في حوار وطني". وأضاف أن ذلك "يساعد جميع السوريين أي الحكومة والمعارضة على الدخول في حوار وطني والقبول بنتائجه إذا توافرت الإرادة السياسية وصدقية التطبيق". وكان الرئيس السوري قال بعد لقائه بروجردي إن سوريا ستفشل المخطط ضدها "مهما كلف الثمن". في برلين، اعتبر نشطاء من المعارضة السورية يعقدون اجتماعا اليوم أن من المبكر تشكيل حكومة انتقالية لمرحلة ما بعد الأسد بعد أن قالت فرنسا إنها ستعترف بتلك الحكومة فور تشكيلها. وقال قائد الجيش الروسي إن موسكو لا تعتزم إنهاء وجودها العسكري في سوريا رغم تصاعد العنف والمخاوف من سقوط النظام. وانتشرت أنباء غير مؤكدة في وسائل الإعلام الروسية أن الجيش الروسي يقلص وجوده في قاعدة طرطوس البحرية التي تستأجرها موسكو من حليفتها سوريا منذ المرحلة السوفياتية. من جانبها، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بالأردن تضاعف في الأيام القليلة الماضية ليتجاوز 22 ألفا. وفي هذا السياق، طالب المرصد السوري السلطات التركية بإلغاء قرارها "التعسفي" القاضي "بمنع اللاجئين السوريين من السكن داخل المدن الحدودية مع سوريا". واعتبر المرصد في بيان اليوم أن القرار "اعتداء سافر على حقوق اللاجئين السوريين"، موضحا أن القرار "تضمن ترحيل كل من يلقى القبض عليه داخل المدن الحدودية إلى المخيمات أو إلى خارج الحدود التركية". وحذر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الأسبوع الماضي من أن تركيا لن تكون قادرة على استقبال أكثر من مائة ألف لاجىء سوري على أراضيها، داعيا إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا لاحتواء تدفق اللاجئين.