عند أطراف حي سيف الدولة في حلب يعطي قائد للمتمردين أمرا لأحد رجاله بالاستيلاء على دبابة تابعة لقوات النظام بمفرده، مسلحا بقاذفة صواريخ وحاملا صاروخا واحدا. ويقول القائد للجندي المتردد "صاروخ واحد يكفي، يمكنك التغلب على الجيش كله". المشهد مألوف على الخطوط الأمامية بين قوات الجيش السوري الحر وقوات النظام. فقوات المعارضة تحمل سلاحا بدائيا في مواجهة دبابات ومروحيات هجومية وطائرات مقاتلة. ويشكو قادة المتمردين من أن السلاح الذي بين أيديهم قديم - كلاشنيكوف وقاذفات صواريخ ومدافع مضادة للطائرات - ومن ارتفاع كلفة شراء السلاح. ويقول علاء سعد الدين وهو جندي منشق عن الجيش النظامي السوري "لقد قدت مقاتلات ميج طوال 12 عاما، ونحن اليوم نتصدى لها بواسطة الكلاشنيكوف". ويضيف "المدافع المضادة للطائرات هي أسلحتنا الثقيلة. ليس لدينا صواريخ أرض-أرض أو صواريخ مضادة للطائرات". وعندما قرر أبو مريم تشكيل سريته قام بالاتصال بلواء التوحيد الذي يؤمن التنسيق بين المجموعات المتمردة لطلب السلاح. ويشرح أبو مريم "لقد أعطانا لواء التوحيد رشاشات كلاشنيكوف، ولكننا اضطررنا للاعتماد على أنفسنا لشراء الباقي. لدينا 22 رجلا و12 رشاشا، لذا نحن نعمل مداورة. تستخدم المجموعة الأولى السلاح وعند عودة المقاتلين يسلمون الأسلحة للمجموعة الثانية". ويوضح أحد القادة أن الأسلحة المتوافرة في السوق باهظة الثمن، فثمن رشاش كلاشنيكوف يبلغ 150 ألف ليرة سورية (حوالى 2400 دولار) وثمن الرصاصة الواحدة دولاران، بينما يبلغ ثمن القنبلة اليدوية 150 دولارا. ويستعيد المتمردون السوريون بهزء مشاهد المقاتلين الليبيين الذين كانوا يطلقون النار في الهواء إلى حد إفراغ مماشط رشاشاتهم احتفالا بالسيطرة على أحد المواقع. ويقول سعد الدين "إذا أطلق أحد المتمردين رصاصة واحدة في غير اتجاه العدو نطرده من المجموعة". وأعلنت الدول الغربية أن دعمها يقتصر على المساعدة الإنسانية (المال وأجهزة الاتصال). وبحسب المجلس الوطني السوري المعارض الذي يضم مختلف أطياف المعارضة السورية، فإن دولا كقطر والسعودية قامت بتسليح المقاتلين في الداخل السوري. ولكن الأسلحة فعليا تبدو أكثر قدما مما يقول المتمردون. أسلحة متآكلة وقاذفات صواريخ أكلتها الغبار. لا مجال للمقارنة مع الأسلحة الحديثة التي كانت منتشرة على الأراضي الليبية. ويقول أبو وليد قائد منطقة مارع "أغلب الأسلحة التي بحوزتنا مصدرها قوات النظام سواء عندما نقتلهم أو عندما نقوم بشرائها من الشبيحة أو من الجنود النظاميين الذين يبيعون أنفسهم". ويقول أبو وليد بابتسامة ساخرة حاملا قنبلة يدوية خضراء من صنع روسي، "على سبيل المثال فإن هذه القنبلة اليدوية قمنا بشرائها من جندي علوي"، مضيفا "لقد أحب المال أكثر من قضيته". ويقول المتمردون إنهم تمكنوا من شراء السلاح من الخارج ولا سيما من العراق ومن لبنان وبشكل أقل من تركيا. وبحسب أبو وليد وقادة آخرين، فإن قواتهم بحاجة إلى كافة أنواع الأسلحة والذخيرة وصواريخ أرض-أرض. ولكن "الأهم هو الحصول على سلاح قادر على إسقاط طائرة"، وخصوصا أن القوات السورية قصفت حلب وجوارها بواسطة مروحيات وطائرات مقاتلة. وبغياب أي بديل أفضل ليس أمام المتمردين سوى صنع القنابل والصواريخ يدويا. وكانت مجموعة من المتمردين بثت شريطا على موقع يوتيوب يظهر إطلاق صاروخ يدوي الصنع، إلا أنها اعترفت أن ما من وسيلة لتوجيه الصاروخ بالشكل الصحيح. ويقول سعد الدين "لقد حاولنا صنع صواريخ يدويا، ولكن وبصراحة فإن أغلب هذه الأسلحة تنفجر فينا". وفي حي المشهد في حلب ومع اقتراب الدبابات من موقعها، لم تجد مجموعة من المتمردين سوى رشاشات الكلاشنيكوف وقنابل المولوتوف المصنوعة من بقايا معلبات الأطعمة للوقوف في وجهها. ويقول أحد قادة المتمردين في مقارنة بين عناصره وقوات النظام "إنه الفارق بيننا وبينهم. لديهم كل شيء، أما نحن فليس لدينا إلا الله".