«التكية» كلمة لا تستطيع تحديد مصدرها، فالبعض يعتبرها كلمة عربية، ومعناها يأتى من الاتكاء على شىء، أى التواكل عليه، وخاصة من المعدمين والبائسين. والبعض يعتبرها كلمة عثمانية نابعة من الثقافة العثمانية، التى دخلت مصر منذ الفتح العثمانى، ولكن أياً ما كان مصدرها، فالتكايا لم تعد موجودة، ولم يتبق منها سوى «تكية» الشيخة زكية. «تكية الشيخة زكية».. هكذا عرفها أهالى حى الجمالية ومريدوها من مختلف المحافظات. فبين جنبات الحى الأثرى أقامت الشيخة زكية «التكية». ابنة الشيخة زكية واسمها «نفيسة» تقول: «منذ قدوم الشيخة زكية من المنصورة سنها1940، أقامت هذه التكية ذات الطابع المعمارى المتلائم مع المكان». والست «نفيسة» هى الابنة الوحيدة للشيخة زكية من نسل الأشراف، لديها من الأبناء ثلاثة؛ محمد وميرفت وزينب، تجمعهم حولها فى بيت ملاصق ل«لتكية». لم يؤثر لهيب الشمس المحرقة على الأسطح الخشبية للمكان، فعندما تدخل «التكية»، تشعر «بالطراوة» بمجرد دخولك، فالهواء الرطب يندفع من نوافذها الكبيرة، محملا بروحانيات وروائح المسك الذى ينبعث من كل مكان به. أثناء الثورة كانت «التكية» هى المنزل الآمن لكثيرين ممن فقدوا أعمالهم حينها، تقول الحاجة: «ناس كتير ما كنتش لاقية تاكل، والحمد لله ربنا قدرنا ساعتها على إكرامهم». أما عن جدول الطعام المعلق على الحائط، فهو «عدس، وفول نابت» يوم الجمعة، أما باقى الأيام، ف«لحوم وطيور وفتة كوارع»، بجانب بعض الحلوى من «صوابع زينب ولقمة القاضى»، ويوم الخميس «أرز باللبن» أما المشروبات فهى إما «القرفة الساخنة» شتاء أو «العناب» صيفا و«القهوة» مشروب رئيسى لا يمكنك رفضه: «اللى يدخل التكية لازم ياكل». وتندهش حينما تعلم بأن خادم هذه «التكية» هو رئيس محكمة جنايات الزقازيق، يقوم بإعداد وجبة العدس الشهيرة يوم الجمعة، يقول: «نعم أنا مستشار فى المحكمة، ولكن أنا هنا خادم الغلابة وأقوم بإعداد الوجبة بنفسى، وأشعر بالهيبة كما لم أشعر بها، فى «التكية» أشعر بأننى سيد القوم من منطلق أن خادم القوم سيدهم». الخلوة هى آخر مكان تدخله، فبعد صلاة العصر فى المسجد الخاص ب«التكية» تأذن لك الست «نفيسة» بزيارة «الخلوة» وهى غرفة الست زكية التى وضعت فيها صورتها على سريرها، والمصحف الشريف مفتوحا على سورة «يس».