كتبت مقالاً بتاريخ (13-7-2012) قلت فيه مخاطباً إخواننا الإسلاميين: «أنتم تعلمون أكثر منى أن محاربة الربا من المبادئ الأصيلة للشريعة الغراء، فهل أدى ذلك إلى منع الكثير من المصريين -من بينهم بعض الإخوان والسلفيين- من التعامل مع البنوك، رغم فتوى البعض بحرمة ما تدفعه من فوائد؟»، وكان ذلك فى محضر مناقشة رؤيتهم فى أن تصاغ المادة الثانية من الدستور بحيث تنص على أن «الشريعة -وليس مبادئ الشريعة- هى المصدر الرئيسى للتشريع». لم يمر على ما كتبت شهر ونصف، حتى وضع الإسلاميون جميعاً فى امتحان عسير، عندما قررت حكومة «هشام قنديل» المعيَّنة بمعرفة الرئيس «محمد مرسى» التقدم إلى البنك الدولى للحصول على قرض قيمته 4.8 مليار دولار. وأنا لا أريد فى هذا المقام أن أناقش الجدوى الاقتصادية للقرض، بل أريد أن أناقشه من زاوية شرعية بحتة، بناء على ما سبق وأثاره عدد من النواب الإسلاميين بمجلس الشعب «المنحل»، على هامش مناقشة الاتفاق على الحصول على قرض من البنك الدولى لحل مشكلة الصرف الصحى فى مصر، فقد اعتبر الكثير من هؤلاء النواب أن مشكلة الصرف الصحى هامشية للغاية قياساً إلى مسئولية «دخول جهنم» بسبب التعامل الربوى. وقد يكون من المفيد فى هذا السياق أن نعود إلى الوراء أكثر، ونسترجع مواقف الدكتور «مرسى» عندما كان عضواً بمجلس الشعب عن الإخوان، لقد وقف أكثر من مرة تحت القبة رافضاً سعى حكومة «الحزب الوطنى» للحصول على قروض أجنبية، من منطلق أنها تعد شكلاً من أشكال الربا المحرم شرعاً! واستند فى رأيه إلى قوله تعالى: «يمحق الله الربا ويربى الصدقات». وقد كان من اللافت أن ينبهنا الدكتور يسرى حماد، المتحدث الرسمى باسم حزب النور، إلى أن القرض الذى تسعى الحكومة للحصول عليه حالياً لا توجد عليه فوائد، وأن القيمة المضافة التى سيتم دفعها عنه ليست فوائد بل مصروفات إدارية! الأمر الذى يعنى أن البنك الدولى يتعامل طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية! وهو كلام أقل ما يوصف به أنه كلام «مضحك» يحاول بعض الإسلاميين من خلاله مجرد القفز على أحكام الشريعة الغراء كما أفهموها لهذا الشعب. فإذا كان ذلك كذلك.. فما مبرر هذا الضجيج الذى يثيرونه حول المادة الثانية من الدستور «مادة الشريعة»، وهم يقفزون على الشريعة وقت اللزوم، ويؤكدون أن تطبيقهم لأحكامها سوف يكون «ع الكيف»؟. وهناك سؤال آخر يطرح نفسه بقوة فى هذا السياق هو: أين الكلام عن الاقتصاد الإسلامى فى مشروع نهضة «الإخوان»، وهم يبدأون التعامل مع المشكلات الاقتصادية بالاقتراض من الخارج؟ ليثبتوا أنهم «زيهم زى أهل بلدهم»، من رواد «طرة»!