حين قرأت أن الزميل والصديق محمد توفيق يجهز لإصدار كتاب جديد عن "الخال" عبدالرحمن الأبنودي، بالتعاون مع دار المصري للنشر والتوزيع، سمعت شريفة فاضل تغني رائعتها في أذني "ماتروحش تبيع المية في حارة السقايين"! المثل الشعبي الذي حوّله الشاعر حسين السيد إلى أغنية شهيرة، لم يكن إلا شفقة مني على "توفيق" الذي اختار "الخال الأبنودي" موضوعا لكتابه الجديد، على الرغم من أن الرجل قال كل ما يمكن أن يقال، على الورق وعلى موجات الراديو وشاشات الفضائيات، نشرت الهيئة العامة للكتاب أعماله الكاملة، ونشرت "مكتبة الأسرة" مؤخرا "أيامه الحلوة"، فهل يشرح محمد توفيق "الماء بماء"؟ لكن ثقتي في مجهود "توفيق" الصحفي قبل الكاتب، جعلتنى أتوقع منه أن يطرق أبوابا لم يفتحها "الخال" من قبل، أو على الأقل أبقاها مواربة، ولم يخيّب "توفيق" الظن فيه.. صدر الكتاب وبين أوراقه المزيد من تفاصيل حياة "الأبنودي" وتجربته، ومنحنى على وجه الخصوص إجابات عن أسئلة كنت أبحث عن إجاباتها بين كل ما كُتب عن الأبنودي، تتعلق بشخصين جسدهما الأبنودي "لحما ودما" على أوراقه.. أحمد سماعين وسيرته، وحراجي "البِس" وجواباته! سيدهشك "الخال" من جديد بحديثه عن علاقة درامية، وإن بدت عابرة وهامشية، بينه وبين اسم الملك فاروق و"نظرة" جمال عبدالناصر، عن تفاصيل سجنه في عهدي "ناصر والسادات"، عن غرابة علاقته بوالده، عن أول جريمة سرقة يرتكبها الأبنودي، وقصة حبه وزواجه من المذيعة نهال كمال، وأكثر من قصة عن كواليس كتابة أغنياته الشهيرة، التي لا تقل روعة ولا دهشة عن الأغنيات نفسها. يفتتح محمد توفيق كتابه بقوله "إذا كانت عجائب الدنيا سبعا، فالثامنة أن تجد شخصا لا يعرف الخال عبدالرحمن الأبنودي"، وهو مدخل ذكي يرد به الكاتب على من يتوقع منه أن "يبيع المية في حارة السقايين"، ليصحب القارئ حتى آخر صفحات الكتاب، في رحلة ممتعة مع تفاصيله التي اختصه بها "الخال"، وملف من الصور "القديمة الجديدة"، وكأنه يرد على توقعات القارئ، بلسان حاله "بيع المية في حارة السقايين.. صنعة"!