عالم فريد من نوعه مليء بالقصص والحكايات الفريدة، التي ترسم ملامحه وتمنحه خصوصية، يظل الصعيد بعاداته وتقاليده ومفرداته عالما خصبا لكتّاب الدراما، تحديدا في الموسم الرمضاني، وتظل اللهجات الصعيدية اختبارا صعبا يكشف مدى التزام الممثلين وقدرتهم على التوحد مع الشخصية التي يؤديها خاصة في الدراما الصعيدية، والتي تقتصر هذا العام على مسلسل "بركة" ل عمرو سعد، و"ولد الغلابة" ل أحمد السقا، الذي واجه انتقادات عديدة على مستوى اللهجة. محمود عبدالشكور الناقد الفني، انتقد اللهجة الصعيدية في "ولد الغلابة"، قائلا: "لهجة صعايدة مسلسل (ولد الغلابة) لا علاقة لها بالمنيا وملوى، هناك فروق واضحة بين لهجة شمال الصعيد وجنوبه، بس من الواضح إنّه محدش عايز يتعب نفسه، على أساس إنّ محدش واخد باله، وكله عند المشاهدين صعايدة"، وذلك وفقا لمنشور عبر حسابه على "فيس بوك". الرأي ذاته اتفق عليه مجموعة كبيرة من المشاهدين في الصعيد، إذ قال أحدهم: "ولما تيجي تشوف مسلسل زي (ولد الغلابة) مثلا مش هتلاقي لهجة المنيا، دي لهجة قناوية متعرفش بقدرة قادر راحت المنيا"، بينما قال آخر: "مشكلة اللهجة الصعيدية كالعادة، لهجة المنيا غير لهجة سوهاج غير لهجة قنا، ممكن تشوفوها حاجة مش مهمة بس أنا كصعيدي هعرف اللهجة صح، أنت تعبت عشان تصور في ملوي عشان الصورة الصح، يبقى اتعب عشان اللهجة الصح". الناقدة ماجدة موريس قالت إنّ الدراما الصعيدية اختبار صعب للممثلين، إذ تفرض عليهم إتقان اللهجة بشكل جيد والاستعانة بمصحح لغوى، فضلا عن حرفة التعامل مع الملامح الخاصة والمختلفة للشخصية الصعيدية. وأضافت موريس ل"الوطن" أنّه فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والأسرية، فهم ما زالوا متمسكين بالعادات والتقاليد التي تميز وتخص مجتمعاتهم دون غيرها من المجتمعات الأخرى، وبالتالي تحتاج جهدا في أنّ يقدم الممثل شخصية لا يتشكك فيها المشاهدين. قال حسن القناوي مصحح اللهجة الصعيدية، إنّ "عمرو سعد يؤدي دور شاب صعيدى يعيش في القاهرة، وبالتالي يجب أنّ تكون مفرداته مزيجا بين اللهجتين، وبالتالي الخطأ في كلمات صعيدية أمر مقصود بسبب طبيعة الشخصية التي يؤديها، فالخطأ هو الصحيح في تلك الحالة، لأن كل شخصية لها أبعاد تحدد اللهجة وطريقة إتقانها وأدائها، وأنا كمصحح لهجة يجب أنّ أقرأ النص كامل حتى أحدد لهجة الشخصية، فهناك مواقف معينة قد تدفع الفنان لأدائها بلهجة مختلفة عن باقي النص". وتابع القناوي ل"الوطن": "عندما عملت مع المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ، قال لي لو رغبت في إعادة المشهد 70 مرة بسبب أخطاء اللهجة سأفعل ذلك، لأنّ الكاتب محمد صفاء عامر كان مهتما باللهجة لدرجة كبيرة. وزاد مصحح اللهجة الصعيدية: "هناك دائما أخطاء لكن لا يميزها سوى أهل الصعيد أنفسهم، على سبيل المثال كان هناك أخطاء في لهجة أحمد زكي الصعيدية في فيلم (البيه البواب)، لكن لا يختلف أحد على عبقريته، وبالتالي هناك عناصر مهمة، بينها الأداء والنص الجيد التي تكون مهمة بقدر إجادة اللهجة الصعيدية".