لا أدرى سر هذا الإصرار من المسئولين فى «الصحة» فى بداية الأمر ثم من وسائل الإعلام المختلفة على إطلاق اسم «إنفلونزا الخنازير» على «الإنفلونزا الموسمية» هذا العام والخنازير منها براء، الإنفلونزا المنتشرة هذا العام معظمها من النوع A/H1N1/California/7/2009، وهذه السلالة على الرغم من كونها H1N1 فإنها ليست إنفلونزا الخنازير التى تحورت وأصبح لديها القدرة على العدوى من إنسان إلى آخر دون الحاجة إلى وجود الخنازير على الإطلاق. وبصرف النظر عن هذه الضجة المبالغ فيها حول هذا الموضوع فى جميع وسائل الإعلام، فإننى أرى أن انتشار الإنفلونزا الموسمية (وليس الخنازير) أعلى قليلاً من معدلات الإصابة فى العام الماضى ولكن ليس بصورة وبائية، وهذا حدث فى بلاد أخرى كثيرة مثل الولاياتالمتحدة، فشهرا يناير وفبراير يمثلان القمة فى منحنى الإصابة بعدوى الإنفلونزا فى نصف الكرة الأرضية الشمالى، ومع ذلك فما ينبغى أن يطمئننا أن كل الدراسات التى أجريت على التركيب الجينى للفيروس أظهرت أن الفيروس لم يتحور جينياً عن الذى كان موجوداً فى عام 2009 حيث كان بداية انتشار الوباء العالمى، وأن التطعيم باللقاح الذى تم تحضيره للإنفلونزا لموسم 2013-2014 يحتوى على نفس السلالة بالإضافة إلى سلالتين أخريين هما A (H3N2) viruses Texas/50/2012-like، وكذلك B/Massachusetts/02/2012-like، إذن ليس هناك طفرة كما يوجد لقاح للوقاية، إذن لماذا تنتشر الإنفلونزا؟ ولماذا يموت بعض الناس منها؟ فيروس الإنفلونزا ينتقل عن طريق الجهاز التنفسى عن طريق الرذاذ، كما ينتقل عن طريق الملامسة، وفى الولاياتالمتحدة تبلغ نسبة الإصابة به خلال موسم الشتاء نحو 5% من السكان، ويبلغ عدد الذين يدخلون المستشفيات فى أمريكا بسبب الإنفلونزا كل عام 380 ألف شخص سنوياً، يموت منهم ما يقرب من 36 ألف شخص، من بينهم أطفال؛ كانت هناك 171 حالة وفاة بالإنفلونزا بين الأطفال خلال موسم 2012-2013، وهناك 37 حالة وفاة بالإنفلونزا للأطفال خلال موسم 2013-2014، بما فى ذلك 9 حالات وفاة جديدة فى الأطفال التى تم الإبلاغ عنها لمركز السيطرة على الأمراض فى الأسبوع الأخير من يناير الماضى، وكان معظم هؤلاء الأطفال لم يتم تطعيمهم ضد الإنفلونزا بشكل كامل، كما كان هناك أيضاً ضحايا وأشخاص لم يكن لديهم أى أمراض مزمنة تجعلهم من المجموعات الأكثر تعرضاً للخطورة، مثل الأطفال من 6 أشهر وحتى 5 سنوات من العمر، والبالغين الذين تتراوح أعمارهم من 65 سنة وما فوق، والنساء الحوامل، والذين يعانون من أمراض طبية مزمنة مثل السكر وأمراض الربو والحساسية والفشل الكبدى والكلوى والأورام، وضعف المناعة إما بسبب عدوى الإيدز أو بسبب تناول أدوية مثبطة للمناعة مثل الكورتيزون وغيره... إلخ. وهذه المجموعات الأكثر تعرضاً للخطورة هى أول من ينبغى عليها تناول التطعيم فى أكتوبر من كل عام، وإذا أصيبوا بالعدوى فعليهم الإسراع بتناول عقار «تاميفلو» فى أول 48 ساعة من الإصابة وظهور الأعراض، التى تتمثل فى: ارتفاع فى درجة الحرارة (38 أو أكثر)، التهاب فى الحلق، رشح أو انسداد فى الأنف، آلام حادة فى العظام والعضلات، سعال، فقدان الشهية. وأعتقد أن هناك بعض الاحتياطات التى ينبغى الحرص عليها من أجل تقليل انتشار عدوى فيروس الإنفلونزا، منها بالإضافة إلى الحصول على لقاح الإنفلونزا: الراحة التامة فى الفراش بمجرد ارتفاع درجة الحرارة، غسيل اليدين بشكل متكرر، تجنب الاتصال الوثيق والقريب مع الأشخاص المرضى بالإنفلونزا، تغطية الفم والأنف عند السعال والعطس، البعد عن التقبيل، الوجود فى أماكن جيدة التهوية، تطهير الأسطح الملوثة؛ بما فى ذلك أُكَر الأبواب والألعاب. والعلاج المضاد للفيروسات فى وقت مبكر (تاميفلو) يمكن أن 1- يقصر مدة المرض والحمى والأعراض. 2- يقلل من خطر المضاعفات الناتجة عن الإنفلونزا (مثل التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال الصغار، والالتهاب الرئوى، وفشل الجهاز التنفسى والموت عند الكبار). 3- يقصر مدة العلاج فى المستشفيات. وقد ذكرت CDC أيضاً أنه خلال موسم الإنفلونزا فى العام الماضى: 1- كان 90٪ من وفيات إنفلونزا الأطفال فى الأطفال الذين لم يتلقوا لقاح الإنفلونزا. 2- كان 40٪ من وفيات الإنفلونزا فى الأطفال الذين ليس لديهم مشاكل صحية مزمنة. 3- كان 40٪ من الأطفال قد تلقوا لقاح الإنفلونزا قبل منتصف نوفمبر.