عاد سكان مدينة فرشوط فى محافظة قنا، إلى الطرمبات الحبشية لجلب المياه من مسافة 10 أمتار تحت سطح الأرض، بعد يأسهم من الحصول عليها بطريقة عصرية عبر شبكات الحكومة التى لا تعمل، ما تسبب فى انقطاع المياه لأيام طويلة، وغيابها تماما عن المدينة منذ بداية شهر رمضان المبارك. وتشهد مناطق شرق السكة وشوارع الروضة والغريب والهواشم وعبدالستار نورالدين وأنس بن مالك والمجاهد ومسجد همام ومدرسة التجارة وعزبة أولاد شاكر، حالة عطش جماعية، لا ترحمها «مية الحكومة» إلا لحظات عند مطلع الفجر، وتحديدا فى المنطقة المحيطة بمركز شرطة فرشوط. ويتزاحم مواطنون على منزل محمود عبدالظاهر القريب من مسجد أبوهريرة، لملء الجراكن بمياه طرمبة حبشية، عمرها 20 سنة، على الرغم من وجود غرفة صرف صحى «بيارة بلدى» يبلغ قطرها 3 أمتار أسفل المنزل. ويقول محمود عبدالظاهر صاحب المنزل ل«الوطن» إن الناس تأتى لملء الجراكن من 7 صباحاً حتى العصر، ومن بعد المغرب حتى الفجر، لانقطاع المياه باستمرار عن المدينة كلها. ويشير إلى ظاهرة بيع المياه فى السوق السوداء بقوله: «أنا عامل ومقدرش أشترى المية من السوق السوداء، والمية المعدنية مش من توبنا إحنا غلابة ولينا رب يسترنا من المرض». تجاهد السيدة العجوز نعمة عبداللطيف حمدان «60 سنة» فى طرق أبواب الجيران الذين يمتلكون «الطرمبة» لملء 3 جراكن بالمياه يوميا، بمساعدة حفيدها الأكبر الذى بلغ 9 سنوات مؤخرا. فيما يستيقظ لطيف فكرى قلينى، مدير مدرسة الدهسة الإعدادية، ليملأ الجراكن بنفسه، ويقول: «أستيقظ 3 فجراً وأنتظر الحنفية تأتى بالماء لأقوم بملء الجراكن والأوانى البلاستيكية فى دقائق، قبل عودتها للجفاف». ويقول كرم صلاح ياسين ويوسف محمود وصلاح ياسين إن مياه الجراكن تستخدم فى الشرب وطهى الطعام، بينما يكملون أغراضهم الأخرى كتنظيف الأوانى بمياه الترعة ليلا، رغم رائحتها الكريهة، ويضيف «كرم»: «أغلقنا دورات المياه فى مسجدى أبوهريرة والمجاهد، وعلقنا لافتة كتبنا عليها: مغلق لعدم وجود مياه». ويشدد الشيخ محمود الزليتنى خطيب مسجد أبوهريرة، على ضرورة معالجة الأزمة عاجلا، وتوفير مياه الشرب ويقول: «إذا كانت الحكومة عاجزة عن توفير كوب ماء نظيف للمواطن، فليذهبوا جميعا للجحيم». ولاحظ مؤمن الصارف مؤسس اللجنة الشعبية بفرشوط، أن انقطاع المياه فى مثل هذه الأيام من العام الماضى، لم يزد عن ساعتين يوميا، وتساءل: «هل زاد تعداد سكان فرشوط لنصف مليون نسمة، أم انحرف مسار النيل ليبتعد عن الوادى؟ متهماً رجال مبارك المستمرين فى السلطة التنفيذية، وعلى رأسهم عادل لبيب محافظ قنا، وعبدالناصر محمد رئيس مجلس مدينة فرشوط، وحفنى محمد حفنى رئيس مجلس إدارة شركة قنا لمياه الشرب والصرف الصحى، بمجاملة نائبى الحزب الوطنى المنحل عبدالرحيم الغول وفتحى قنديل، باستقطاع جزء كبير من حصة المياه المخصصة لفرشوط، لصالح قريتى الكوم الأحمر والدهسة أبرز المناطق الداعمة لنواب الوطنى. ويهدد إسماعيل الخلايلى بانفجار الأهالى غضبا، بسبب تعمد قطع المياه عن المدينة، لافتا إلى احتمال إقدامهم على محاصرة منشآت حكومية بالمدينة، والاعتصام على قضبان السكة الحديد.