عندما اقتحم خوان مانويل سانشيز جورديو، محال البقالة لمصادرة السلع الأساسية كان هدفه إعادة توزيع الثروة من أجل الفقراء. وهذا التصرف أقل ما يمكن أن يصدر عن عمدة بلدية ماريناليدا جنوبإسبانيا، النائب اليسارى فى البرلمان المحلى، الذى عُرف بمناهضته للرأسمالية المتوحشة. ففى الأسبوع الماضى، وجد جورديو نفسه فى صدر الصفحات الأولى للمواقع والصحف الإسبانية، إثر قيادته لمجموعة من العمال فى حملة على محال البقالة لمصادرة عدد من السلع الأساسية كالحليب والمكرونة والسكر لتوزيعها على الفقراء عبر بنوك الطعام المحلية، وذلك دون أن يدفع ثمن هذه السلع، فعدم قدرة عدد من الأسر الإسبانية على شراء طعام دفعه لتبنى حملة اقتحام بدافع أخلاقى لإنقاذ الأسر من الجوع، حسبما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية. ومن الصعب وصف الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها إسبانيا، فهى على حافة الانهيار، حيث وصل معدل البطالة إلى 25% لتتخطى اليونان، كما أن الحجز على الممتلكات بسبب الديون وانهيار صناعة البناء خلف أكثر من 800 ألف أسرة بدون دخل. وفى نهاية مايو خرج أكثر من 8 ملايين إسبانى احتجاجا على عدم قدرة الحكومة حل الأزمة الاقتصادية معلنين فقدهم الثقة فى الديمقراطية البرلمانية العاجزة عن حل مشكلاتهم، وأعلن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوى خفض الإنفاق بما يعادل 51 مليار جنيه إسترلينى خلال العامين المقبلين مما يزيد من معاناة الإسبانيين. وفى قلب هذه الأحداث، تُستثنى قرية «استريكس» فى بلدية ماريناليدا من الأزمة الاقتصادية، هذه القرية الشيوعية التى ينتمى إليها جورديو، فهى لا تعانى من البطالة، والأراضى الزراعية ملك سكانها وتتميز بالمساواة فى الأجور. وخلال الثلاثة عقود الماضية قام أهالى القرية ببناء 350 منزلاً بالجهود الذاتية. للوهلة الأولى قد تشعر أن ماريناليدا تشبه غيرها من المدن الإسبانية إلا أنك بعد قليل تلاحظ الفرق، لن تجد إعلانات ل«الأسماء التجارية» العالمية، والشوراع ما زالت تحمل أسماء من القرن التاسع عشر، وما يثير الإعجاب أن صورة «جيفارا» تخطف نظرك بمجرد دخولك مكتب جورديو العمدة الذى يشبهه الإسبانيون ب«روبن هود» الفارس الإنجليزى الذى كان يسرق أموال الأثرياء ليطعم الفقراء فى العصور الوسطى فى إنجلترا.