أئمة مساجد يدعون المصريين فى خطب عيد الفطر لتأييد رئيس الجمهورية، وجماعة الإخوان وحزبها والجماعة الإسلامية والأحزاب السلفية يصلون صلاة العيد فى ساحات مخصصة لهم ومعروفة للعامة، حزب مدنى يوزع منشورات دعائية على المصلين بعد انتهاء خطب العيد، أحزاب متنوعة التوجهات تستغل المناسبة الفضيلة لكسب ود المواطن بهدايا وعطايا للأسر والأطفال ومعها طبعا اسم الحزب وممثليه فى الحى أو المنطقة أو المحافظة. هل رأيتم ما هو أردأ من هذا؟ نحن لسنا فى عصور وعهود الخلفاء والسلاطين الذين، وباستثناءات محدودة فى التاريخ العربى الإسلامى، ساموا الناس العذاب ودعت لهم المساجد خوفا وارتعادا. مصر لم تعد فى جمهورية يوليو التى فرضت علينا حكاما لم نخترهم ولم تأت بهم إرادة شعبية عبر عنها فى صندوق انتخابات، بغض النظر عن حضور أو غياب رضاء الناس عنهم. مصر الديمقراطية والمدنية التى نتمناها لا يمكن أن نقبل بها بأن تستمر مساجد وزارة الأوقاف ساحات للحشد للرئيس أو أن يلقى بها الأئمة الأزهريون خطبا تدعونا للاصطفاف خلفه وكأننا ما زلنا دولة ومجتمع الرئيس الأوحد والقائد الملهم. لا بديل عن أن تنتهى مثل هذه الممارسات الرديئة التى تسىء للدين قبل السياسة، ولن يتحقق ذلك إلا بالاستقلالية التامة للأزهر ولوزارة الأوقاف عن السلطة التنفيذية بحيث لا يستمر رئيس الجمهورية فى مخيلة الأئمة والشيوخ ولى الأمر وصاحب المنح والمنع الذى يتعين من ثم إرضاؤه بالدعوة والتهليل له. لا بديل عن أن تنزه دور العبادة، جميعها، عن السياسة وترفع بها الصلوات والأيادى لمصلحة الوطن وقيم الأديان العليا، الحق والعدل والحرية والمساواة والتسامح. هل رأيتم ما هو أردأ من أن تخصص ساحات صلاة العيد لأحزاب أو جماعات بعينها أو أن توزع الأحزاب منشوراتها وهداياها (أو للدقة الرشوة الانتخابية) على الناس بعد الصلاة؟ لا علاقة للمناسبات الدينية بالسياسة، والحزب الذى يخصص اليوم ساحة لصلاة أعضائه ومناصريه سيضع غدا اسم الحزب على مسجد من المساجد. هل نريد لدور العبادة أن تتحول لمقار حزبية وللصلوات أن تعامل كتجمعات بشرية للسياسة؟