أعرب محللون ومراقبون ألمان، عن قلقهم من النفوذ المتنامي لجامعة الإخوان الإرهابية في ألمانيا، مشيرين إلى أن مدينة كولونيا في منطقة شمال الراين، ومدينة وستفاليا، يعتبرون منذ سنوات مقرات للجماعة في ألمانيا. ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، تخوفات الألمان من توسعات الجماعة إلى مدن أخرى في السنوات الأخيرة، ما دفع مكتب حماية الدستور، أو ما يسمى بالاستخبارات الداخلية، للتحذير من أن الجماعة المتطرفة أصبحت الآن تشكل خطراً أكبر على ألمانيا من "داعش" وتنظيم "القاعدة". وكتب الصحفي الألماني أكسيل سبيلكر، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، مؤخراً عن تهديد الإخوان في صحيفة "كولنر شتات أنتسايجر" الألمانية، وقال إن الأجهزة الأمنية في شمال الراين ب"ويستفاليا"، لاحظت كيف ازدادت شعبية المساجد التابعة لجماعة الإخوان في ألمانيا، ووفقًا لمعلومات استخبارية ألمانية داخلية، فقد تحولت الجالية الإسلامية في كولونيا إلى المقر الرئيسي لجماعة الإخوان في البلاد. وصرح "سبيلكر"، إن أجهزة الاستخبارات قد أعربت عن قلقها من أن الجماعة تتسلل إلى النظام الديمقراطي لإيجاد نظام اجتماعي وسياسي قائم على الشريعة الإسلامية، ونقل عن بورخارد فريير، رئيس مكتب حماية الدستور في ولاية شمال الراين ب"وستفاليا"، قوله إن جماعة الإخوان في ألمانيا، والمنظمات التي تعمل معها، تسعى في نهاية المطاف إلى إقامة دولة قائمة على أساس الشريعة لتشمل بعد ذلك ألمانيا، لذلك قدر أن تهديد الإخوان لألمانيا على المدى المتوسط يعتبر أكبر من المجموعات المتطرفة الأخرى، مثل داعش والقاعدة. ولاحظت وكالات الاستخبارات الألمانية، كيف أن الجماعات المرتبطة بجماعة الإخوان تستقطب بشكل متزايد اللاجئين العرب في ألمانيا من أجل استغلالهم لمصالحهم، وعزا فريير ذلك إلى المراكز التعليمية التابعة للجماعة وتمويلها من بعض الدول الخليجية، حيث تقدم مؤسسات الإخوان التعليم الشامل وتدريب الأشخاص من جميع الأعمار، وأوضح سبيلكر أن مؤسسات التعليم التابعة لجماعة الإخوان وغيرها من المؤسسات التي تتعاون معها تركز على الشباب بشكل خاص. وحذر "سبيلكر"، من أن بإمكانهم الوصول إلى عشرات الآلاف من المسلمين من خلال المحاضرات والندوات التي تقدم تفسيرًا متطرفاً للقرآن، وبحسب الصحيفة فإن جماعة الإخوان تضم نحو 1000 عضو في ألمانيا وتتزايد أعدادهم باستمرار، وتضم الجماعة الإرهابية ما يقرب من 50 منظمة تابعة لها، وتشير تقديرات استخبارات شمال الراين ب"وستفاليا" إلى أن 14 مسجدا في المنطقة مرتبطون بالجماعة وأن ما يقرب من 109 مكاناً مخصصاً للعبادة يروج لأيديولوجية الإخوان المتطرفة تنتشر في جميع أنحاء منطقة الراين. وقال إن مسجد أبو بكر في "كولونيا" كان يتردد عليه متطرف ألماني قد سُجن لمدة 13 عامًا لتنفيذ عمليات إرهابية، ثم اعتنق الإسلام أثناء وجوده في السجن وبعد إطلاق سراحه، أصبح زائراً متكرراً لمسجد أبو بكر، وغالبًا ما كان يستخدم موقعه الإلكتروني الشخصي لشن هجمات ضد القضاء الألماني والشرطة الألمانية، كما أظهر ميول مؤيدة للقاعدة وهو نشط اليوم في الدفاع عن أسباب احتجاز المعتقلين بتهم تتعلق بالتطرف، والتقصي عن أسباب إحتجازهم. وتنكر الجماعة المتطرفة في ألمانيا دعمها لأعمال العنف، لكن الاستخبارات الألمانية، وردت على هذا الكلام، قائلة إن الجماعة تهدف إلى تعزيز التصورات السلبية عن القيم الغربية، والأمر الأكثر إثارة للقلق، كما يقول سبيلكر، هو نجاح الجماعة في التأثير على المجلس الإسلامي المركزي في ألمانيا، وأضاف أن الإخوان يحاولون تصوير أنفسهم على أنهم معتدلون، ولكن خلف الأبواب المغلقة، يتحدث قادتها عن تشكيل دولة إسلامية. ونفت الجالية الإسلامية في ألمانيا، علاقاتها بجماعة الإخوان، لكن سبيلكر، قال إن رئيس الجالية خالد سويد عبر على حسابه على موقع "تويتر" على أنه يتعاطف مع جماعات تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، كما نشر على صفحته على فيسبوك علامة الأصابع الأربعة التي أصبحت مرتبطة بجماعة الإخوان، وكان تلفزيون ARD الألماني قد أذاع في وقت سابق بأن مرشد جماعة الإخوان السابق محمد مهدي عاكف قد وصف الرئيس السابق للجالية الإسلامية في ألمانيا، إبراهيم الزيات بأنه قائد جماعة الإخوان في ألمانيا، بينما نفى الزيات هذا الادعاء. وكان الزيات ترأس الجالية بين عامي 2002 و2010، وفي عام 2008 حكمت عليه مصر غيابيا بالسجن لمدة عشر سنوات، حيث أنه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك تمت إحالته إلى المحكمة العسكرية في عام 2006 إلى جانب عدد كبير من قيادات الإخوان الآخرين، وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي أحد قيادات الجماعة الإرهابية قد أصدر عفواً عن الزيات وآخرين في عام 2012. وبحسب الصحيفة فقد تأسست جماعة الإخوان في ألمانيا عام 1958 وهي واحدة من أقدم المنظمات الإسلامية في البلاد، وتتمتع بشبكة واسعة من العلاقات مع المنظمات الأخرى في جميع أنحاء ألمانيا، وهي تضم حالياً أكبر عدد من من المنتمين لأفكار الإخوان في ألمانيا، ويقع مقرها في كولونيا وتمول نفسها من خلال رسوم العضوية والتبرعات التي يتم جمعها من المساجد. ونشر موقع "فوكاس أونلاين"، مقابلة أجراها "سبيلكر" مع باحثة الشؤون الإسلامية سوزان شروترين التي حذرت فيها من التقليل من خطر جماعة الإخوان في ألمانيا، وقالت إن قادة الجماعة غالبا ما ينبذون العنف علانية، لكنهم يتمتعون بعلاقات سرية مع شخصيات تؤيد العنف، بالإضافة إلى ذلك، قالت الاستخبارات الداخلية الألمانية إن الإخوان ممثلون في منظمات أخرى مختلفة في ألمانيا، والتي بدورها تندمج في شبكة دولية، وتهدف هذه العلاقات إلى التأثير الإيديولوجي على المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، وعلاوة على ذلك، قال إن المنتمين إلى جماعة الإخوان نادراً ما يظهرون علناً، وتُستخدم مراكز الجماعة كمنابر للتحريض السياسي. وفي عام 2017، حذر جهاز الاستخبارات الداخلي في ولاية ساكسونيا الشرقية من توسع جماعة الإخوان، وحذر من أن الجماعة تحاول استغلال اللاجئين الجدد في ألمانيا لزيادة عدد أعضائها من أجل تأسيس دولة قائمة على الشريعة، وعلاوة على ذلك، قال الجهاز إن الجماعة كانت تشتري العقارات والمباني لتوسيع وجودها وبناء المساجد، وصرح رئيس المخابرات في ساكسونيا جوردان ماير بلاث، قائلاً "إن ما نتحدث عنه لا علاقة له بالجهاد والإرهاب، ولكن الإخوان يريدون فرض الشريعة الإسلامية في ألمانيا".