اهتمت صحيفة "لوموند" الفرنسية، اليوم، بتطورات الموقف في تركيا على ضوء فضيحة الفساد المالي، حيث أشارت إلى أن أزمة الحكومة الحالية بأنقرة كشفت عن "هشاشة" رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وأشارت "لوموند" إلى أنه منذ شهر يونيو الماضي، تواجه حكومة أردوغان "تعبيرات درامية" من السخط الشعبي، لتتلقى سلطة رئيس الوزراء الكاريزمي نكسة أخرى، بعد أن وضعت العدالة قيد التحقيق بتهمة الفساد من أقرب معاونيه، بينهم ثلاثة من الوزراء الرئيسيين، الذين تقدموا باستقالاتهم. وأضافت اليومية الفرنسية أنه بعد استقالة الوزراء الثلاثة في الخامس والعشرين الجاري، يواجه رئيس الوزراء التركي انتقادات شديدة وبعضها تطالب بسقوطه هو شخصيا، معتبرة أن هذه الأزمة "غير المسبوقة" تقوض وتهدد مستقبل رئيس الوزراء التركي، وحزبه "العدالة والتنمية"، كما تؤثر أيضا على صورة تركيا ودورها الإقليمي. وذكرت "لوموند" أن أردوغان يردد أن الأمر يتعلق ب"مؤامرة ويقسم بالانتقام"، حيث يشير إلى أن هناك مؤامرة تحاك من قبل قوى الظلام المزعزعة للاستقرار والتي تشعر بالغيرة من نجاح لا مثيل له من جانب حزب "العدالة والتنمية". واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن التعديل الوزاري الذي أجراه "أردوغان" على حكومته لإعادة تنظيم فريقه "ينم عن خوفه" وجنون العظمة، فمن بين عشرين وزيرا هناك عشرة وجوه جديدة، مضيفة أن عملية التطهير المخزية إلى حد ما تضيف الشك في الرجل الذى بات أكثر ضعفا وشوهت صورته. وأشارت "لوموند" إلى أن سلطوية "أردوغان" وعدم مرونته في إدارة الاحتجاجات الجماهيرية ضد سلطته في يونيو الماضي أصابته بالحمى، كما أفقدت "حزب العدالة والتنمية" مصداقيته في أعين ناخبيه. وأوضحت الصحيفة الباريسية أن رئيس الوزراء التركي، وأمام كل هذه التطورات، يبتعد عن زاوية نموذجه المعتدل والديمقراطي وصورة الزعيم المسلم، وقوة الإلهام لقادة العالم العربي والاسلامي. وأمام هذه الخيارات السياسية، يظهر أردوغان أنه يفضل مسارا مختلفا، ونموذجا مناهضا للديمقراطية، وهو المسار القائم على السلطوية والغطرسة "على غرار بوتين". وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإنه وبعيدا عن شخص أردوغان ومكتبه وحزبه، حزب العدالة والتنمية، فإن القوة الناعمة لصورة تركيا كدولة مستقرة ومزدهرة والدولة الوسيطة في المنطقة، هي التي تعاني الآن. وأضافت "لوموند" أن الزعيم المعارض المقيم بالولايات المتحدةالأمريكية فتح الله جولن، يقدم نفسه حاليا على أنه في طليعة محاربة الفساد والضامن للديمقراطية، لكنه يسيء دوره في الكشف عن أسرار الدولة، مذكرة بأن "أردوغان وجولن فقدا هيبتهما، والأتراك يبحثون عن رجل ثالث، برىء ومستقيم، ليأخد بزمام الأمور فى الدولة التى تسير حاليا على غير هدي". واعتبرت اليومية الفرنسية أن "هذا الرجل" المحظوظ قد يأتي من بين المعسكر العلماني، ولكن يبدو أن اليسار التركي لا يستغل هذه الفرصة التاريخية. ومع ذلك، كثير من الناس يعتمدون على الرئيس الحالي للجمهورية عبدالله جول. وأوضحت "لوموند" أن جول، المخلص لأردوغان، والذي أسس معه حزب العدالة والتنمية في عام 2001، قد يصبح، في حالة تفاقم الأزمة، الرجل المناسب للخروج من الوضع الحالى في تركيا، خاصة وأن الرئيس التركى المعتدل يتمتع بدعم نسبة كبيرة من أبناء الشعب، خاصة وأنه تبنى خلال الاحتجاجات التى شهدتها البلاد فى شهر يونيو الماضى خطابا معتدلا وأدلى بتصريحات من أجل التهدئة، خلافا لرئيس الوزراء أردوغان.