كتب الصديق محمد البرغوثى مقالاً مخيفاً فى «الوطن» يوم السبت الماضى عن جرائم بنى آدم تافه يُدعى «محمد عادل»، أحد أعضاء ما يسمى «6 أبريل»، استغرب فيه وضع هذا المجرم فى السجن بتهمة التظاهر دون تصريح، فى حين أن ملف جرائمه «المشرّف» يستوجب إعدامه. وإذا كان هذا التافه يستحق الإعدام.. فماذا تكون عقوبة مؤسس هذه الحركة الحقيرة، أحمد ماهر، وكلاهما يقبع فى زنزانة واحدة، ويستدفئان بتافه ثالث لا يقل عنهما إجراماً، يُدعى أحمد دومة؟!. الثلاثة عيّنة ممن سميتهم «مرتزقة 25 يناير»، لكنهم الأكثر شُبهة وتبجحاً وعناداً فى عدائهم للدولة المصرية، والأكثر كرهاً لجيشها وشرطتها. وتقديرى أن هذه الكائنات المريضة لا تشكل خطراً بحد ذاتها، لأن الدولة المصرية أعمق وأصلب من ألعابهم الصبيانية ومؤامراتهم الصغيرة، لكن خطورتهم تكمن فى أنهم يشبهون ذباب الموائد: ما إن يحط على طبق حتى يلوثه. ولا أظن أن من الحكمة أن نلتفت إليهم أو نقيم لهم وزناً، فهم وثورتهم المشئومة أصبحوا تقريباً خارج المعادلة السياسية، ولم تعد تهديداتهم وأعمالهم التخريبية تهز شعرة واحدة فى رأس أصغر جندى أمن مركزى. لكن الذى لفت نظرى وأدهشنى أن بعض هؤلاء المرتزقة انتفض مذعوراً بعد أن بث عبدالرحيم على -عبر قناة «القاهرة والناس»- تسريبات مشينة لكل من أسماء محفوظ وأحمد ماهر ومصطفى النجار وآخرين سيأتى عليهم لاحقاً حسبما أشار موقع «البوابة نيوز». انتفض هؤلاء، ولا معنى لانتفاضتهم سوى خوف الجانى من افتضاح أمره. انتفضوا لأن على رأس كل منهم «بطحة»، وتصدرت الأخت إسراء عبدالفتاح كتيبة المنتفضين، واعتبرت بثّ هذه التسجيلات «جريمة قانونية» لم يشهدها بلد فى العالم حسبما جاء فى مقال كتبته فى «اليوم السابع» يوم الجمعة الماضى، واستدرّت فيه عطف «سيادة الرئيس القاضى الدستورى». تقول الناشطة أو المناضلة أو الكاتبة أو «الينايرية» أو كل هؤلاء مجتمعين فى «إسراء» إن ما فعله عبدالرحيم على يعد انتهاكاً صارخاً ل«خصوصية»، وأنا معها، لكننى أسأل: خصوصية من؟. هل لخائن أجير خصوصية؟. هل يجوز أن نحترم خصوصية مرتزق تحالف مع من يخطط ويدبر ويشارك فى ورش للتدريب على هدم الدولة وإحراق مؤسساتها وإثارة الفزع بين مواطنيها؟. أنا مع إسراء فى المبدأ، لكننى أرى -على العكس منها- أن هذه التسريبات جاءت متأخرة، إذ ما أحوجنا هذه الأيام إلى فضح هذه الطغمة الفاسدة وإسكاتها إلى الأبد. أنا مع إسراء أيضاً فى أن الأحق بهذه التسريبات جهات التحقيق وليس وسائل الإعلام الخاصة، لكننى أرى أن من حق المواطن البسيط أن يعرف «عدوه»، وأن يعرفه عبر المنابر التى طالما أطل منها هؤلاء المرتزقة، وصدعوه بالحديث عن نضالهم الزائف وعن أوهاهم الثورية. لم تكتف إسراء بالمظلمة التى كتبتها فى «اليوم السابع»، بل حررت بيان شجب وإدانة، ولفَّت على رديف القوى الوطنية للحصول على توقيعاتهم. ولا أعرف لماذا هبت وانتفضت بهذه الطريقة، على الرغم مما قيل لى من أنها «طيبة» إلى حد السذاجة، وأنها الآن من أشد المؤيدين لثورة 30 يونيو!. لكننى بعيداً عن إسراء وما فعلته.. توقفت قليلاً أمام تسريبات عبدالرحيم على، ولاحظت أن هناك اسماً يتكرر فى اثنين منها، هو «محمد سوكة»، فبحثت فى أمره، فاكتشفت أنه كان خطيب أسماء محفوظ السابق، عندما كانت مجرد «بنت مصرية عادية»: شبشب من باتا وطرحة حجاب من أحد أسواق وسط البلد.. وحلم بمقعد فى أوتوبيس نقل عام. ومن واقع هذه التسريبات تبين أن «سوكة» كان واحداً من مقتحمى مقر أمن الدولة عقب انهيار نظام الرئيس مبارك، حيث تمت أكبر عملية سطو على ملفات مرتزقة 25 يناير.. وأظنها ملفات «مشرفة» كما قلت!. فتحية لمن سرب ولمن أذاع.. وتحية خاصة للأخ الثائر «محمد سوكة».