تواجه اليونان التي تتولي الأربعاء القادم الرئاسة الدورية نصف السنوية للاتحاد الأوروبى تحديا جديدا، في ظل تبنيها سياسة تقشفية صارمة لتصحيح اقتصادها، ومع الانتخابات الأوروبية المرتقبة في مايو، والتي قد تكون نتائجها بمثابة رسالة للاتحاد الأوروبي بعد ست سنوات من الأزمة. وقال زولت درفاس الخبير الاقتصادي في معهد بروجل للأبحاث في بروكسل اليوم "لا أعتقد أن هذه الرئاسة ستكون هادئة كغيرها"، متوقعا أن "تكون صعبة جدا بالنسبة لليونان بسبب مشاكلها الذاتية، والضغط الذي تضعه انتخابات البرلمان الأوروبي على أجندتها"، وبسبب الأضرار الاجتماعية الناجمة عن الأزمة، يتوقع أن يسجل المشككون في أوروبا بكل توجهاتهم تقدما في الانتخابات، المرتقب إجراؤها من 22 إلى 25 مايو المقبل في الاتحاد الأوروبي، وقد وضع استطلاع للرأي في أكتوبر الماضي لمؤسسة "إيفوب"، الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة على رأس نوايا التصويت في فرنسا. وفي اليونان يحتل حزب سيريزا اليساري الراديكالي المقدمة، ويطالب الدائنين البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بخفض كبير لديون البلاد، مع المجازفة بتخويف الأسواق أمام حزب الديمقراطية الجديدة بزعامة رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس. ويأتى حزب الفجر الجديد اليميني المتطرف بقوة في الموقع الثالث، رغم توجيه الاتهام إلى ستة من نوابه ال18، بعد اغتيال ناشطين في الفجر الجديد لموسيقى مناهض للفاشية في سبتمبر الماضي. وفي إطار هذه الظروف المتوترة بسبب خطة تصحيح المالية العامة التي فرضتها الترويكا على اليونان، سيتوجه اليونانيون أيضا إلى صناديق الاقتراع في إطار الانتخابات البلدية في 18 و25 مايو المقبل. ويواجه ساماراس الذي يترأس ائتلافا، صعوبات جمة إذ لم يعد يحظى سوى ب153 نائبا فقط من أصل 300، مما قد يثقل هذه الأجندة مع إجراء انتخابات عامة مبكرة في الخريف أو حتى اعتبارا من شهر مايو القادم، ويبدي اليونان تفاؤلا بالنسبة لرئاسة الاتحاد الأوروبي ويرى فيها رئاسة مفعمة بالأمل لأوروبا كلها. وحذر وزير الشؤون الأوروبية اليوناني ديمتريس كوركولاس، من جهته من أن الرئاسة ستركز على المشكلات الأكثر إلحاحا للمواطنين الأوروبيين، مثل الهجرة والعمل وتطبيق الاتحاد المصرفي والسياسة البحرية. ورأى نيكوس كونستانداراس أحد مسؤولي صحيفة كاثيميرينى الليبرالية، أن اليونان ستكون مدعومة من نظرائها أثناء توليها هذه المهام، مضيفا "كل أوروبا تدرك أنه سيتعين إظهار ما من شأنه أن يمنع تقدم النزعة الشعبوية"، وفي مطلع ديسمبر الجاري، زار وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي تييري ريبانتان أثينا، لتسليم رسالة بهذا المعنى، وقال وقتها إن "فرنسا ستقف إلى جانب اليونان كي تنجح في هذه الرئاسة من أجل صورتها ومن أجل أوروبا". وتنوي اليونان التي تتولى رئاسة الاتحاد للمرة الخامسة منذ عام 1981، عقد 14 اجتماعا على المستوى الوزارى و120 اجتماعا آخر، وأكد كوركولاس على أنه من غير الوارد الإسراف في الإنفاق، فالرئاسة ستكون صارمة في هذا الشأن حيث تأمل اليونان بتوفير جزء من 50 مليون يورو مقررة. وتخلف اليونان على رأس الاتحاد الأوروبي ليتوانيا، على أن تسلم الشعلة إلى إيطاليا في يوليو المقبل، وستبدأ الرئاسة فعليا في الثامن من يناير القادم مع اجتماع للمفوضين الأوروبيين ال28 في أثينا، ويتوجه ساماراس إلى ستراسبورغ في 16 يناير القادم لعرض أولويات الرئاسة اليونانية على البرلمان الأوروبي.