كان متوقعاً أن يكون من رجال المرحلة منذ أضحى الدكتور محمد مرسى رئيساً لمصر.. ولكن جاء المنصب بعكس ما رسمته التوقعات لدبلوماسى يصنف على أنه كفاءة من نوع خاص له تجربة مميزة طيلة أكثر من ثلاثين عاماً من العمل الدبلوماسى دفعت نظام الرئيس مبارك إلى أن يسند إليه ملفات على درجة عالية من الحساسية على الرغم من تصنيفه ضمن السفراء المختلفين مع توجهات النظام فكان له موقع مميز داخل البيت الدبلوماسى منذ عهد عصمت عبدالمجيد، الذى كان مسئولاً عن ملف العالم الإسلامى فى مكتبه، وكذلك فى عهد عمرو موسى، وأسند إليه الراحل أحمد ماهر الإشراف على ملف العلاقات المصرية - الإيرانية عندما تولى منصب مدير مكتب رعاية المصالح المصرية فى طهران ومن بعدها عمل سفيراً لمصر فى ليبيا ثم صار عميداً لمعهد الدراسات الدبلوماسية أثناء فترة أبوالغيط، ومن بعدها انتقل إلى الأزهر الشريف كناطق باسمه.. إلى أن جاءت لحظة الحقيقة فى «25 يناير» فكان موقفه الاستقالة من الأزهر والذهاب إلى ميدان التحرير رافعاً شعار «اذهبوا أنتم ونظامكم إنى هاهنا مع الثائرين». باختياره رئيساً لديوان الرئاسة يستطيع أن يطمئن معارضى مرسى بأن إلى جوار رئيس الجمهورية رجل دولة يدرك معنى المؤسسية وقادراً على تقديم الرأى السديد للرئيس، وهى مهام تتجاوز صلاحيات منصبه، إلا أن العلاقة الخاصة التى تجمع بين السفير والرئيس تدفع بما لا يدع مجالاً للشك إلى الاعتقاد بأن مكتب رفاعة الطهطاوى سيكون إحدى الدوائر المهمة فى صنع القرار الرئاسى. كان رفاعة الطهطاوى واضحاً منذ اللحظة الأولى فى المعترك الرئاسى، وكان يسير ملاصقاً لمرسى فى كافة جولاته الانتخابية، لديه قناعة كبيرة به وينتمى إلى نفس مشروعه، أو يتقاربان بشدة فيه، فرئيس الديوان يرى بدوره أن قوة مصر لن تكون إلا بقيادة حقيقية للعالم الإسلامى، كما أن لديه منطقاً مختلفاً فى معالجة ملف مياه النيل، يقوم على الثواب لأصدقاء مصر والعقاب لأعدائها.. منفتح على إيران ويدفع لتكوين علاقة إقليمية قوية معها دون استئذان من أحد، ولعل أبرز مواقفه رفض الإعلان الدستورى المكمل واعتباره غير شرعى ومصادرة من المجلس العسكرى على المستقبل. لم ينضم الطهطاوى إلى جماعة الإخوان المسلمين أو أحد كوادرها التنظيمية، ولكن له معها ومع رجالها جسور ممتدة منذ عقود، يصنفه أصدقاؤه على أنه أحد أمراء الدهاء فى المؤسسة الدبلوماسية، يخفى خلف سلوكه المنضبط وخلقه الدمث شخصية موسوعية لعبت الوراثة جزءاً فى تكوينها من جده رفاعة الطهطاوى، قائد النهضة التعليمية فى عهد محمد على، شخصية لا تخلو من الشدة والحزم، وعندما لم يعين وزيراً للخارجية فى حكومة قنديل، قال أحد كبار الدبلوماسيين ل«الوطن»: «طهطاوى سيكون النموذج المصرى من أحمد داود أوغلو.. ستكون له كلمة مسموعة رئاسياً ودور فى ترتيب البيت وسيأتى فى اللحظة المناسبة».