يقطع المواطن يوميا تذكرة ذهاب بلا عودة على قضبان الموت، فعربات القطارات تحولت إلى نعوش طائرة، وأشباح الضحايا السابقين تراوض أقرانهم الأحياء في رحلة إلى العالم الآخر بثمن بخس، فإهمال ثم تقاعس فجريمة تودي بحياة عشرات الأرواح لا تساوي في مصر سوى حزمة جنيهات، لا تساوي قطرة دم واحدة تسال، أو تضاهي دمعة أم تبكي نجلها، أو زوجة ترثي والد أبنائها. 5 آلاف جنيه ثمن التعويض عن الضحية الواحدة في عهد "مرسي"، عندما فقدت مصر 50 طفلا في حادث قطار أسيوط لم يسلكوا طريقهم للحياة بعد، ليصبح التطور الحكومي للتعويض من عهد حكومة "قنديل" لحكومة "الببلاوي" هو 20 ألف جنيه للضحية، وهو ما أعلنت عنه الحكومة اليوم كتعويض لضحايا قطار دهشور. وعندما تذهب للبحث في سجل الكوارث والحوادث، تجد انفجار منطاد يحمل 21 سائحا، وسقط من ارتفاع يقدر بحوالي 300 متر وسط مزارع القصب بالبر الغربي بالأقصر بعد دقائق من إقلاعه في رحلة جوية سياحية، ولكن الضحية هنا "أجنبي"، فيقرر وزير الطيران المدني المهندس وقتها، صرف 300 ألف جنيه كتعويض لكل حالة وفاة في حادث المنطاد، والذي راح ضحيته 19 سائحا، أي ما يقرب من 6 ملايين جنيه تعويضات، بينما 30 ضحية في آخر حوادث القطارات بالتسعيرة الحكومية الجديدة، فقيمتهم جميعا 600 ألف جنيه، وكأن ثورة لم تقم في 25 يناير شعارها "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، وأخرى في 30 يونيو من أجل حياة كريمة لم تأت بعد.