واقعة محمد محمود واحدة من تجليات العلاقة بين الدولة والثورة، خرج شباب لأهداف محددة يطالبون بها واصطدموا، وحدث ما جرى وسقط ضحايا وأصيب أبرياء سلميون، وتفاعلت الحياة وتطورت الأحداث لوقائع أخرى أشد قسوة، وأسفرت كل فعاليات النضال من أجل الحرية عن نتائج ارتضيناها جميعا، غير أن محاولات الإقصاء والإبعاد أعادت الثورة مرة أخرى للشارع، حتى تمكنت مجددا من استرداد روحها وحصدت ما يتيح لها مواصلة مسيرتها مجددا. الثورة داخل الدولة الآن؟ نعم.. الثورة داخل الدولة الآن.. لكنها لا تقود الدولة بعد.. وما زالت تواجه مقاومة وستظل.. ومن يتخيل غير ذلك إما واهم أو مراهق أو مكابر ينكر الواقع عن جهل أصيل.. فإسقاط النظام مسألة ممكنة لكن إعادة صياغة الدولة شىء مختلف تماما.. لا بد أن يسهم فيه الجميع تحت قيادة الثورة.. وحتى تتمكن الثورة من ذلك تخوض مواجهات متعددة ومتنوعة.. لكن ليس من بينها أبدا الانتحار. أيام قليلة ويبدأ الاحتفال بذكرى محمد محمود -سأغض الطرف عن ضجة غير مبررة لم نعهدها من قبل!!- وهو احتفال يجب أن تختلط فيه معانٍ عدة مهمة، أبرزها أن الدولة تحتفل بذكرى محمد محمود، وهو المعنى الذى تجاهلته دولة الإخوان، واحتفال الدولة يتم لدعم احتفال الثورة والثوار، فلا يجب اصطناع مواجهة بين الطرفين، فنحن لسنا فى صراع مع الدولة الآن، بل إن من يسعى لذلك فهو يخوض صراعا ضد الدولة على الأرض، فالمطلوب الآن هو تأكيد الصلة بين الدولة والثورة، من أجل تعميق مفاهيم التغيير وتفعيل دور الثوار داخل الدولة. إصرار البعض على الوقوف عند لحظة تاريخية معينة والانطلاق منها للمستقبل، مع تجاهل ما بينهما من متغيرات، يؤكد انحيازا أيديولوجيا أعمى لا يفهم إشارات الواقع ولا حقائقه، وإصرار البعض على التمسك بموقف والجمود عنده، ورفض إعادة النظر فيه فى ضوء واقع مختلف، يعنى مكابرة وإنكار واقع وجمودا عقليا وذهنيا يحتاج لإعادة تأهيل. أخطأت الشرطة قبل 25 يناير فعاقبها الشعب، وعادت لتناصر الشعب وتخرج معه فى ثورته على حكم الإخوان فى 30 يونيو فباتت المؤسسة جزءا من الثورة، وأخطأ المجلس العسكرى بعد 25 يناير فصحح الشعب الموقف وخرج الجيش لدعمه وحمايته من عصابات وجبروت دولة الظلم الإخوانى، عادت الشرطة ليستشهد أفرادها دفاعا عن الشعب ضد استبداد الإخوان، وعاد الجيش ليساند مطالب الشعب فى استرداد الدولة، فكيف نقف عند ما قبل 25 يناير، فى العلاقة مع الدولة ومؤسساتها الرئيسية، وكأن شيئا لم يتغير فى 30 يونيو؟ لقد تغيرت مصر وتغيرت معطيات الواقع، وبات من الواجب تعميق دور الثورة داخل الدولة، وتوجيه الدولة للالتزام بأهداف الثورة وتحقيقها.. غير ذلك.. كفانا صراخا. فلتحتضن الدولة الثورة اعترافا بها وبقيادتها ولنحتفل جميعا بذكرى محمد محمود.