«بصفتى رئيساً للوزراء أتشرف بانتمائى لحركة المقاومة الإسلامية حماس».. انتماء وضع صاحبه متربعاً على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية لما يسببه من قلق بالغ لتل أبيب، بإصراره على عدم الاعتراف بها، ولانتمائه لمنظمة مصنفة عالمياً بأنها «إرهابية». إنه إسماعيل هنية، رئيس الحكومة المقالة فى غزة، الذى أثار بتقاربه مع مصر لغزاً لتل أبيب بشأن طبيعة العلاقة بين مصر و«حماس»، خاصة بعد حفاوة الاستقبال التى لاقاها من القيادة المصرية الجديدة برئاسة محمد مرسى الأسبوع الماضى. ولد إسماعيل عبدالسلام أحمد هنية «أبوالعبد» فى مخيم الشاطئ للاجئين بغزة عام 1963 حيث لجأ والداه. تلقى تعليمه فى الجامعة الإسلامية بغزة وكان نشطاً فى لجنة الطلاب وترأسها لمدة عامين، وتخرج عام 1987. تنقل هنية بين المعتقلات الإسرائيلية والكتل الطلابية وعرفه أهالى غزة إماماً وخطيباً مفوهاً مثلما عرفوه رئيساً للوزراء. ما زال يقطن فى بيته القديم فى مخيم الشاطئ، ويتنقل بحرية بين بيته ومسجده القديم غير مبالٍ بالتهديدات الإسرائيلية التى تستهدف حياته، ويبدو الرجل كربان يبحر وسط العواصف لكنه يصر على غرس مرساته فى مخيم الشاطئ لتذكره أنه مجرد لاجئ. لم يفلت هنية من سجون الاحتلال الإسرائيلى، سجن لعدة أعوام ثم نفى إلى بيروت وعاد إلى غزة إثر اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1993، ولم تكن محاولات الاغتيال بعيدة عنه، حيث تعرض لعدة محاولات بعد أن أصبح مديراً لمكتب الزعيم الروحى للحركة الشيخ أحمد ياسين عام 1997، وأصيب فى إحداها عام 2003. تولى منصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عام 2006 التى تلت توقيع اتفاق مكة بين حركتى حماس وفتح ثم أقاله رئيس السلطة محمود عباس فى 2007 بعد سيطرة كتائب عزالدين القسام على مقار الأجهزة الأمنية فى القطاع، الأمر الذى قابله هنية بالرفض معتبراً أن القرار غير دستورى، مؤكداً أن حكومته ستواصل مهامها ولن تتخلى عن مسئوليتها الوطنية. لا يحظى هنية بعلاقات واسعة مع القادة العرب ولا يتواصل مع الكثير من السياسيين الغربيين، لكنه الآن أصبح يراهن على الرئيس المصرى الجديد محمد مرسى الذى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين التى تؤمن بالقضية الفلسطينية إيماناً لم تعرفه مؤسسة الرئاسة المصرية فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. إلا أن شهر العسل بين «حماس» ومؤسسة الرئاسة لم يدم طويلاً بعد العملية الإرهابية التى طالت عدداً من الجنود المصريين فى سيناء، وذلك بعد أن صرحت مصادر من الجيش المصرى بأن «عناصر من غزة» ساندت الهجوم الذى أوقع 16 شهيداً من قوات حرس الحدود المصرية. هذه الحادثة جاءت لتطيح بآمال هنية التى علقها على الدور المصرى فى الفترة المقبلة بشأن قطاع غزة المحاصر، خاصة بعد قرار إغلاق معبر رفح لأجل غير مسمى. وتصريحاته الأخيرة عكست مخاوفه من توتر العلاقة بين «حماس» ومصر، حينما قال: إن «العدو الصهيونى هو المستفيد الأكبر من هجوم سيناء»، مؤكداً أن «غزة ليست متورطة فى هذا الهجوم الدامى»، مبادراً بإغلاق كافة الأنفاق على الحدود، لتأكيد حرصه على أمن مصر.