قليل الكلام والظهور الإعلامى، يهوى الهدوء، ويعشق النظام والعمل فى صمت، لما يمتلكه من مهارات متعددة، ظهرت بوضوح فى الانتخابات البابوية الأخيرة، حظى بثقة البابا تواضروس الثانى، ووصل إلى أعلى المناصب داخل المؤسسة الكنسية، لا تخرج من فمه الكلمات عرضاً، ولا تستطيع أن تُنطقه بما لا يرغب فى إخراجه، إنه الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها وممثل الكنيسة بلجنة الخمسين لتعديل الدستور. واجه الأنبا بولا هجوماً عنيفاً من الأقباط فور ترشحه للجنة الخمسين لتعديل الدستور، معتبرين أن دوره انتهى بانسحاب الكنيسة من تأسيسية دستور 2012، ولكن كان للبابا موقف آخر، حيث خرج ليدافع عنه أمام آلة الهجوم الممنهجة والشرسة التى تمارس ضده، وضد اختياره، قال إنه الرجل الكفء داخل البيت الكنسى، الذى يحظى بعلاقات واسعة مع جميع أعضاء لجنة الخمسين ورجال السياسة فى الدولة، وقارئ شره تحوى حقيبته العديد من الكتب والمراجع، وهو من يستطيع أن يدافع عن مصالح الوطن أولاً ومصالح الكنيسة ثانياً فى دستور الثورة. وقف «بولا» يدافع عن حقوق الأقباط فى الدستور وصورة مصر فى الخارج، وقال إنه يسعى للتوافق مع السلفيين والأزهر لإخراج دستور يليق بثورة الشعب، حتى إنه كان أول المدافعين عن استمرار حزب النور السلفى بالدستور، والمطالب الأول ببقائهم بالدستور، اعتمد على قدرته التوافقية بأن يخرج دستور يرضى الكل، ويتلافى به أخطاء دستور الإخوان، بشّر بجلسات التوافق، ولكن وجد التعنت ممن سعى إلى التوافق معهم، رمى الديمقراطية ونتائج التصويت التى كانت فى صالح أفكاره، من أجل أن يكسب الأزهر والسلفيين حول الطاولة السياسية، قال: سنكفر بالديمقراطية إذا كانت فى غير صالح الوحدة المجتمعية، ولكنه فى نهاية الأمر لم يجد فائدة، ثار بعد صبر طويل، وأعلن أنه «قُهر» داخل اللجنة، وخرج الدستور الذى كان فى صالحه منذ البداية على عكس ما يسعى إليه، ما جعل الكثيرين يتهمونه بالازدواجية فى التعامل، فى الوقت الذى ترسخ فى وجدانه أنه يسعى لحلول ترضى الجميع. أعلن «بولا» عن خطوطه الحمراء ليوافق على الدستور: «آلية لتمثيل الأقباط بالبرلمان، عدم عودة المادة 219 المفسرة للشريعة بأى شكل فى الدستور، ووجود آليات تضمن حرية بناء الكنائس»، وإلا فلن يبصم على دستور «30 يونيو»، كما لم يبصم على دستور «الإخوان» رغم ألاعيبهم فى «تأسيسية الغريانى»، خرج أمس الأول يعلن على الملأ أن الباب الأول بالدستور الجديد «سلفى» وأنه إذا خرج بهذا الشكل فلا وجود للكنائس ب«الخمسين»، ولكن هدأت ثورته حينما ذهب إلى رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى يشكو له فى 4 وريقات ما تشهده جلسات اللجنة، ليعود بعدها إلى صفوف اللجنة، منتظراً المنتج النهائى لدستور الثورة.