رفض الأنبا أرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى، تعديل المادة الثالثة من الدستور، والتى تنص على: «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قيادتهم الروحية»، لتكون عبارة «غير المسلمين» بدلا من «المسيحيين واليهود»، مؤكدا أنها ستدخل المصريين فى صراع، حيث طالب الأنبا بولا ممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين بتعديلها. وفى مفاجأة جاء رد فعل الأنبا بولا، ممثل الكنيسة فى لجنة الدستور، فى حوار مع قناة الحياة: أن الأنبا أرميا، رئيس المركز الثقافى القبطى، «جاهل» لأنه لا يعلم فى ماذا يتكلم! وجاء وصف الأنبا بولا للأنبا أرميا بهذا الوصف، ردا على ما صرح به أنه لا يوافق على تغيير المادة الثالثة من الدستور، بتبديل جملة «لغير المسلمين»، لأنها ستفتح الباب أمام أصحاب العقائد غير السماوية. وأضاف الأنبا بولا، رئيس المجلس الإكليريكى، محتدا أنه كان يجب على الأنبا أرميا قبل أن يقول أى كلام أن يرفع سماعة التليفون ويتصل بى، موضحاً أنه، أى الأنبا بولا، هو أول من وضع جملة للمسيحيين واليهود فى المادة الثالثة، ولكنه حين رأى أغلبية تطالب بتغييرها رضخ لذلك، إعمالا بالقبول بكل ما يؤدى إلى التوافق، وكان د. عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، لتعديل الدستور قد زار الأربعاء قبل الماضى، البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى المقر البابوى. وكان اللقاءً مغلقاً بين كل من البابا تواضروس الثانى والأنبا بولا مطران طنطا، وممثل الكنيسة بلجنة تعديل الدستور، مع عمرو موسى، بحضور كل من سكرتارية البابا، القسين أنجيلوس وأمونيوس. وأكد مصدر كنسى، أن البابا طلب من عمرو موسى تعديل المادة الثالثة من الدستور، والتى تنص على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية»، حيث طالب البابا بحذف كلمتى المسيحيين واليهود من المادة وتستبدل بهما عبارة «لغير المسلمين»، كما طالب بأن يكون الدستور مدنيا حديثا، وهو ما اتفق عليه عمرو موسى أيضاً. لذلك اعتبر الكثيرون أن ما ذهب إليه نيافة الأنبا أرميا خروج على ما تريد الكنيسة، ممثلة فى البابا. ومن هنا خرج قطاع كبير من الشباب القبطى غاضبا من تصريحات الأسقف العام، واعتبرها ردة إلى الدولة الدينية فى مصر ما بعد ثورة 30 يونيو، ومجاملة للسلفيين وممثلى الأزهر، الذين يوافقون على المادة الثالثة كما هى، وأكدوا أنه ليس من حق الأنبا أرميا ورجاله أن يحدوا من حقوق مواطنين يحملون الجنسية المصرية، وقد حاربنا فكرة التدخل فى السياسة، فليس من المعقول أن نعيد إنتاج النظام السابق، ونسمح بالحجر على المعتقدات الدينية للآخرين، حتى لو اختلفنا معهم، ونظم الشباب القبطى وقفة احتجاجية ضد ما ذهب إليه نيافة الأنبا أرميا الأربعاء الماضى، أثناء عظة البابا الأنبا تواضروس الثانى، رغم اعتراض قطاعات أخرى من الشباب على الوقفة. إن ذلك الجدل بين القطاعات المختلفة من الرأى العام القبطى، سواء فى أوساط العلمانيين «المدنيين» أو الإكليروس، إن دل على شىء فهو يدل على الحيوية والتعددية داخل مكونات الوسط القبطى، وأن تلك المكونات وصلت إلى الحدة أحيانا فى الخلاف داخل الإكليروس، الذين كانت الخلافات بينهم سرية ومغلقة، الأمر الذى يجسد الديمقراطية الحقيقية أكثر من الانقسام، ويشير أيضاً» إلى أن رياح التغيير، بعد ثورتى 25يناير و30 يونيو قد فعلت فعلها داخل أقدم مؤسسات مصر، أى الكنيسة.ويعطى انطباعا أن المؤسسات المقدسة تستطيع أن تتماسك رغم الخلاف، وسقوط وهم أحادية الرأى فى سياق وحدة المقدس. الأمر الذى يجعلنى أعتقد مجازا أن الديمقراطية هى السر الثامن من أسرار الكنيسة (السبعة). وأن ذلك لم يكن ليتجسد دون اعتلاء البابا الإصلاحى الأنبا تواضروس الثانى للكرسى المرقصى. لكن هناك القليلين من الحرس القديم فى الكنيسة (إكليروس أو علمانيين) يقاومون ذلك التوجه الجديد، وتجلى ذلك فيما حدث الأربعاء الماضى على الزميل مايكل فارس، الصحفى باليوم السابع، فى الكاتدرائية من قبل بعض رجال الأمن!! وإسراع الزميل بعمل شكوى ومحضر شرطة، والحقيقة أن ذلك الحدث «الفردى» تكرر للمرة الثالثة، ويتناقض مع السماحة والقيم المسيحية التى تجسدت فى عدم مقابلة الشر بالشر من قبل المسيحيين.. حينما تعرضوا لأكبر هجمة بربرية فى تاريخ مصر الحديث، وحرقت كنائسهم وممتلكاتهم، وزهقت أرواحهم، ووصل الأمر حتى التمثيل بالجثث، ومن ثم ودون مبالغة يعد أمر تكرر الاعتداءات على الزملاء الصحفيين، من قبل البعض ممن يحسبون على أصحاب المصالح بالكاتدرائية، خروجا على القيم المسيحية وانتقاصا من تعاليم المسيح والكنيسة، الأمر الذى يستلزم تدخلا فوريا من قبل البابا تواضروس الثانى، وإعادة النظر فى مستخدمى العنف من قبل هؤلاء، مهما كانت الأسباب، وليتسع صدر صاحب القداسة، حينما أقول له إن الصحفيين فى الملف القبطى لديهم هموم وشكاوى، من عدم حصولهم على المعلومات من مساعديه، وأتمنى أن يلتقى بهم ويحل مشاكلهم، وهذا عهدنا به.