أعلن الدكتور محمد مرسى، أثناء حملته الانتخابية، تعهده بحل خمس مشاكل كبرى يعانى منها المجتمع المصرى خلال المائة يوم الأولى من حكمه هى مشاكل الأمن والمرور والطاقة ورغيف الخبز والقمامة. ورغم مضى ما يزيد على شهر كامل على توليه الرئاسة لم يتحقق أى تقدم يُذكر فى مواجهة هذه المشكلات، ورغم التركيز أولاً على مشكلة القمامة وتعبئة أجهزة الإدارة المحلية وشباب الإخوان المسلمين فى حملات لإزالة القمامة فى مختلف المحافظات إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. تنشر وسائل الإعلام الحكومية العديد من الأخبار والصور عن المشاركة الشعبية فى إزالة القمامة، وتساهم بعض شركات المقاولات بسيارات فى الحملة لرفع أكوام القمامة ولكن هذه الجهود لم تحقق نتائج ملموسة يمكن القول معها إن حملة المائة يوم فى طريقها لتحقيق إنجاز ملموس. لم يتوقف أحد أمام هذه الظاهرة ليبحث فى أسباب الإخفاق، وهل أخطأ الدكتور مرسى عندما طرح هذه الفكرة كجزء من حملته الدعائية فى الانتخابات دون أن يدرس طبيعة هذه المشكلة والأسباب التى أدت إلى تراكمها والإجراءات الواجب اتخاذها لحلها، أم أن الخطأ فيمن تولوا إدارة حملة المائة يوم وعجزهم عن تحقيق تعبئة شعبية كافية لتحقيق نتائج فعلية تزيد حماس المواطنين للمشاركة فيها، بل إن أحدا لم يسأل: لماذا اكتفى القائمون على الحملة بمشكلة القمامة ولم يتطرقوا إلى المشاكل الأخرى رغم ارتباطها بالحياة اليومية للمواطنين؟ وإذا كانت مواجهة مشكلة واحدة منها لم تحقق إنجازاً واضحاً خلال ثلاثين يوماً من حكم الرئيس فمتى يمكن تحقيق إنجاز واضح بالنسبة للمشكلات الخمسة؟ وبدلاً من المعالجة النزيهة للمشكلة التى واجهت حملة الرئيس بالبحث فى أسباب إخفاقها بدأ الالتفاف حول الفكرة بالدعوة إلى أن تكون مدة الحملة ألف يوم وليس مائة يوم وهى مدة تقترب من مدة الرئاسة. كما أن بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين استسهلت الأمر فاكتفت بالقول أن الرئيس يواجه مؤامرة من خصوم الإخوان لإفشال حملته، وأن الإعلام شريك فى المؤامرة لتجاهله الجهود التى تُبذل فى هذا الصدد. والحقيقة التى يتعين على الجميع مواجهتها وإعادة طرح المسألة فى ضوئها هى أن الرئيس أخطأ بهذه الدعوة عندما طرحها كشعار عام دون أن يشكل فريق عمل يدرس كل مشكلة على حدة وعندما تجاهل أن هذه المشاكل هى بالدرجة الأولى تراكمات نتجت عن سياسات حكومية خاطئة وأن معالجتها تتطلب أولاً طرح سياسات حكومية جديدة للتعامل مع كل مشكلة تتلافى الأخطاء السابقة وأن الجهود الشعبية المطلوبة للمساهمة فى حل هذه المشكلة ستكون جهوداً تكميلية، فلا ينبغى أن نحمل الشعب مسئولية تقصير الحكومة فى أداء واجبها وتعفى الحكومة من مسئوليتها تجاه هذه المشكلة. وإذا أخذنا مشكلة القمامة مثالاً فإن مسئولية الحكومة بدأت بإسناد العملية إلى شركات أجنبية بعضها إسبانية والأخرى إيطالية لم تقم بدورها، وأهملت الحكومة مساندة الزبال المصرى الذى تحمل عبء مواجهة المشكلة بإمكانيات محدودة بنجاح، وكان بالإمكان توفير ظروف أفضل لتكوين شركات مصرية انطلاقاً من خبرة هؤلاء الزبالين وتزويدهم بإمكانيات حديثة، وتخصيص مساحات كافية لتجميع القمامة بها، وإنشاء مصانع لتدوير القمامة وإعادة تصنيعها، وإعادة تنظيم العملية فيما يشبه خط الإنتاج الذى يبدأ من جمع كيس القمامة من الشقة السكنية إلى المصنع الذى يعالج القمامة بعد فرزها. وهكذا الحال فى كل المشاكل الأخرى التى يجب أن نبحث أولاً فى السياسات الحكومية الخاطئة التى ساهمت فى صنعها وتنفيذ سياسات بديلة قادرة على مواجهة المشكلة ثم الاستعانة بعد ذلك بالجهد الشعبى كجهد مكمل لسياسات الحكومة.