سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مسيرة «إخوانية» ترهب الأهالى وتسقط 4 شهداء.. والسبب «صورة السيسى» سكان المنطقة: وصفونا بأننا «عبيد البيادة».. وكانوا يقتلون الناس وهم يهتفون «الله أكبر» ولا أدرى ما علاقة الدين بما يفعلونه
فى البداية، يعلن الإخوان عن مسيرات يجوبون بها الشوارع اعتراضاً على ما يسمونه «الانقلاب العسكرى»، يؤكدون سلميتهم وأنهم لا يسعون لشىء إلا لاستعادة رئيسهم و«شرعيتهم»، يرددون هتافات وشعارات مناهضة للجيش وأخرى مؤيدة ل«المعزول»، لكن سرعان ما تتحول «السلمية» إلى «دموية»، و«الهتافات» إلى «طلقات» إذا ما صادفهم شعار أو صورة تتعارض مع ما يعتقدونه. «الوطن» زارت إحدى المناطق بجسر السويس التى تعرض سكانها لعنف شديد من قِبل مسيرة إخوانية توقفت عند صورة ل«السيسى» كانت معلقة على جدران أحد المبانى المقابلة لمستشفى منشية البكرى ليتحول الأمر إلى مجزرة راح ضحيتها 4 شهداء وعشرات المصابين من أهالى المنطقة. يوم الجمعة الماضى، انطلقت مسيرة لأنصار الإخوان فى شارع جسر السويس، وكانت الهتافات تعلو: «يسقط يسقط حكم العسكر»، والأعلام ترتفع بإشارة «رابعة» التى اعتاد مؤيدو الجماعة التلويح بها أثناء مسيراتهم، وفجأة أشار أحدهم إلى صورة للفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، معلقة على أحد المبانى المواجهة لمستشفى منشية البكرى، فاتجهت العيون كلها إلى الصورة لتعلو الأصوات المناهضة للجيش أكثر وأكثر. وتوجه مجموعة من المتظاهرين إلى الصورة وبدأوا فى قذفها بالحجارة، وآثر أحد الأهالى تهدئتهم فأزال الصورة وطواها فى يده متجهاً إلى أحد الشوارع الجانبية، ولكن فجأة انشقت الأرض عن صورة أخرى ل«السيسى» معلقة خلف بائع يفترش الرصيف ويبيع الخبز، لتتوجه مجموعة أخرى من المتظاهرين تجاه الرجل، وتنشب مشادة كلامية معه تنتهى بضربه ضرباً مبرحاً، وحاول بعض أهالى المنطقة مساعدة الرجل فتحول الموقف إلى «ساحة حرب» بين المشاركين فى مسيرة الإخوان وأهالى المنطقة دامت لمدة تقترب من 3 ساعات متصلة، وكانت الحصيلة وفاة 4 من الأهالى وإصابة وتحطيم 15 سيارة والاستيلاء على محتويات بعض المحال والأكشاك. ويقول محمد مجدى، أحد أهالى المنطقة ل«الوطن»: «الاشتباكات بدأت بسبب صورة (السيسى)، ووجدنا أحدهم يصيح فى الميكروفون قائلا (اهجم)، ثم فوجئنا بالمئات يهجمون علينا ويحطمون السيارات ونوافذ البيوت ويصيحون (الله أكبر)، وما هى إلا دقائق حتى فوجئنا بهم يمطروننا بطلقات الخرطوش والرصاص، وعندما اتصلت بقسم الزيتون لأستنجد بهم قالوا لى (مش هنبعت الرجالة بتوعنا عشان تموت عندكم)، ولم يأتوا إلينا إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن قتل شباب لا ذنب لهم إلا أنهم من سكان منطقة مرت عليها مسيرة الإخوان». وعلى الرغم من محاولات الحاجة «أم أيمن» نسيان تفاصيل يوم الجمعة الدامى هذا، فإنها لا زالت تتذكر جيداً حالة «الكر والفر» التى بدأت فجأة، وطلقات الرصاص التى ملأت السماء حتى إنها وصلت إلى منزلها، فشعرت بالذعر واختبأت بالداخل، لكن بعض المتظاهرين كانوا قد بدأوا فى قذف البيوت بالحجارة أيضاً، وجاءوا أسفل منزلها وحطموا باب العمارة، ولم يبتعدوا إلا بعد أن صرخت باكية: «ارحمونا إحنا هنا ستات ومعناش رجالة».a تقول «أم أيمن»: «كان فيه واحد من جيرانى طلع فوق السطح عشان يشوف هو فيه إيه بيحصل، مسكوه ضربوه لحد ما نسى اسمه، ولقيته بيسألنى هو انا هنا فين؟!». محمد عمر، أحد المصابين، يقول: «أول ما سمعنا صوت الضرب خرجنا بسرعة نشوف فيه إيه، لقينا فيه منتقبات بيطلعوا السلاح من تحت النقاب ويدوه للرجالة اللى معاهم، عرفنا إنهم هيقلبوها مجزرة». ويضيف: «دخلوا الشوارع الجانبية وراحوا يكسروا الزجاج اللى يقابلوه سواء فى محل أو عربية أو حتى بيت أرضى، وكانوا بيشتمونا وبيقولولنا: يا عبيد البيادة، إحنا مش هنسيبكم». «عمر» لم يجد أمامه إلا أن يبادلهم إلقاء الطوب، ولكن أحدهم وجه ناحيته فرد خرطوش وأطلق النار فأصابه فى كتفه وصدره، ولم يشعر إلا وهو فى المستشفى، وحاول الرجل الأربعينى «محمد»، صاحب محل جزارة، إغلاق محله قبل وصول الاشتباكات لكن الوقت لم يسعفه، وما هى إلا ثوانٍ حتى فوجئ ببعض البلطجية يهجمون على المحل ويكسرون زجاجه ويستولون على قطع اللحم المعلقة ويهرولون بها ناحية الشارع الرئيسى، يقول الرجل: «بياخدوا اللحمة ويقولوا الله أكبر، ويقتلوا فى الناس ويقولوا الله أكبر، أنا مش عارف إيه علاقة الدين باللى هما بيعملوه ده». لكن الحظ كان حليف باسم حامد، صاحب محل، إذ تمكن من إغلاق محله قبل الهجوم عليه، ويقول «حامد»: «شباب المنطقة لما لقوا فيه اشتباكات راحوا عشان يعملوا حائط صد لحد ما المسيرة تعدى، لكن للأسف اشتبكوا معاهم، وبدأوا فى ضربهم لدرجة إن فيه راجل كبير انضرب. أما أنا فكنت موجود فى المحل بتاعى، وفجأة لقيت ناس بتقتحم المحلات اللى حواليا فقفلت المحل ووقفت فى الشارع بعيد عن الاشتباكات، خصوصا إن فيه ناس منهم وكأنهم متخصصين تكسير زجاج السيارات والمحلات». أما جمال عبدالناصر، أحد المصابين، فيقول: «مسيرات الإخوان تمر من شارع جسر السويس طول الوقت، ولم يسبق لأى منا أن اعترضهم أو حتى حاول استفزازهم، ولكن يبدو أنهم كانوا ناويين على الشر، خاصة أنه من غير المعقول أن تكون صورة (السيسى) هى السبب وراء مقتل 4 من شباب المنطقة وإصابة العشرات وتحطيم كل هذه المحال، فقد فوجئنا بهم يهرولون ناحيتنا ويقولون: يا شارع الفلول، ويا عبيد السيسى. ثم بدأوا فى حرب شوارع وكأنهم يعاقبوننا على تعليق صور وزير الدفاع». «طلقات الرصاص جاءت من ملثمين كانوا يختبئون وسط المتظاهرين».. بهذه الكلمات بدأ «خالد»، أحد الأهالى، حديثه قائلا: «حسينا إن احنا فى معركة لما لقينا معاهم كل أنواع الأسلحة، ولما حاولت أركز مين اللى معاه الرصاص الحى لقيت إن فيه أكتر من واحد ملثم، وهما اللى بيضربوا الرصاص وبينشنوا على الراس، عشان كدا كل حالات الوفاة كانت بطلقات نارية فى الراس أو العين». ويقول «حامد»، صاحب محل لبيع أجهزة «الريسيفر» أصيب خلال الاشتباكات بطلقتى خرطوش إحداهما فى ذراعه والأخرى فى رأسه: «كان هناك ضرب نار كثيف من الإخوان، حتى إنهم أطلقوا النيران على مجموعة من الشباب وسقط منهم 2 قتلى على الأرض أمام عينى. وكل ما أستطيع أن أؤكده إن اللى كان بيضرب أكيد قناص، لإنه كان بيصيب الشهداء فى الراس مباشرة». ووقف محمود العوامى، صاحب كشك بجوار مستشفى منشية البكرى، أمام الكشك يتحسر على الخسارة التى تكبدها بسبب الاشتباكات، وكلما تذكر الأمر قال بصوت عالٍ: «طيب وانا مالى؟»، وهو يحكى ما حدث قائلاً: «أنا خسرت فى اليوم ده بضاعة بحوالى 45 ألف جنيه، لقيتهم فجأة جريوا ناحيتى وكسروا التلاجات وحطموا زجاج الكشك، وبدأوا ياخدوا زجاجات البيبسى عشان يحدفوها على الأهالى، ولما حاولت أمنعهم تعدوا عليا بالضرب». ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد مع «العوامى»، فقد فوجئ، حسب قوله، بمجموعة من البلطجية المسلحين يستولون على بضاعته كلها وهم يصيحون «الله أكبر».