فى بسطة الوجه شىء مريح، لعله نابع من تلك العينين الصغيرتين اللامعتين على الدوام، أو ربما هو صادر عن الأنف المستقيم الذى يتوسط الوجه، أو ربما ينساب مع الصوت الرقيق حين ينفتح الفم فيكشف عن أسنان بيضاء صغيرة، ذلك الصوت الذى تعرفه جيداً قاعة مجلس الشورى؛ حيث تنعقد جلسات لجنة الخمسين لإعداد الدستور، التى تشارك صاحبة الصوت والوجه بعضويتها فيها. الدكتورة ليلى تكلا، أستاذة القانون والإدارة المستشارة القانونية اللامعة، حصلت على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة فى خمسينات القرن الماضى، وأتبعته بالماجستير من جامعة كاليفورنيا، ثم الدكتوراه من جامعة نيويورك، صاحبة كتاب «التراث المسيحى الإسلامى» الذى دعت فيه للتعايش بين أبناء الوطن الواحد مرتكزة على المشتركات التى تجمع أبناء الدينين، نفس المشتركات التى دعتها قبل أكثر من خمسين عاماً لأن تقترن باللواء عبدالكريم درويش، الملقب ب«الأب الروحى للشرطة»، وتنجب له ولدين، وهى القبطية ابنة العائلة الوفدية العريقة. لم تكن عضويتها فى لجنة الخمسين هى أول إنجاز لها، سبقها قبل ذلك رئاستها لصندوق الأممالمتحدة التطوعى للتعاون الفنى فى مجال حقوق الإنسان، وكذلك رئاستها للاتحاد المصرى للمحاميات. . تاريخ طويل تحمله الدكتورة ليلى تكلا على كتفيها، يتجدد يوماً بعد يوم بحركتها التى لا تتوقف، وأسفارها التى لا تنتهى؛ لذلك لم يكن مستغرباً أن تكرمها الدول والمنظمات الدولية؛ حيث انتخبت فى الأممالمتحدة لرئاسة مجلس «أمناء برامج حقوق الإنسان» الذى قام بالمساهمة فى كتابة دساتير عدد من الدول، وإنشاء مجالس لحقوق الإنسان، وعقد لجان المصالحة فى أفريقيا، كما انتُخبت لرئاسة «لجنة الخبراء لإنشاء مراكز ومؤسسات تنمية المرأة من أجل المجتمع»، واختيرت عضواً فى «المفوضية الدولية للثقافة والتنمية»، التى تعد «أول نداء دولى للتعايش بين الثقافات». وبعيداً عن المناصب، فقد وضعت الدكتورة ليلى تكلا العديد من المؤلفات، منها: كتاب «أصول الإدارة العامة» الذى شاركها فى تأليفه زوجها اللواء عبدالكريم درويش، وهو الكتاب الذى يعد مرجعاً فى أصول الإدارة، وكذلك كتاب «فى مسألة الثورة والدستور ونظم الحكم»، الذى أجرت فيه مقارنة بين الدساتير المختلفة وأنظمة الحكم والانتخابات، وعرضت فيه المصير الذى ينتظر الشعوب التى تفرط فى وضع دستورها، مستدعية قولاً مأثوراً لأحد الحكماء جاء فيه: «فى غياب القانون تضيع الحقوق، وفى غياب الدستور تتساقط مقومات الدولة وتضيع».