اتهمت منظمات حقوقية، أمس، قوات الأمن السودانية بإطلاق النار عمداً على المتظاهرين، الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على رفع الدعم عن الوقود، وهو ما تسبب فى زيادة أسعار المحروقات، مؤكدة أن ما لا يقل عن 50 قتيلاً سقطوا خلال الأيام القليلة الماضية فى عدة مناطق من السودان. وجاء تقرير المنظمات الحقوقية فى الوقت الذى أفادت فيه مصادر طبية والشرطة عن مقتل 29 شخصاً، معظمهم مدنيون شاركوا فى التظاهرات التى شهدتها عدة مناطق فى البلاد. وقال المركز الأفريقى للدراسات حول العدالة والسلام ومنظمة العفو الدولية، فى بيان مشترك، إن 50 شخصاً قتلوا الثلاثاء والأربعاء، إثر إصابتهم بالرصاص فى الرأس والصدر. وأضاف البيان أن مصادر محلية وناشطين تحدثوا عن حصيلة أكبر تفوق 100 قتيل. وأعربت المنظمتان عن «قلقهما الشديد» لمعلومات تفيد قيام أجهزة الاستخبارات السودانية باعتقال مئات المتظاهرين. ودعت السلطات إلى التأكد من أنهم لن يتعرضوا إلى التعذيب أو سوء المعاملة. وأعلنت لوسى فريمان، مساعدة مدير منظمة العفو الدولية لشئون أفريقيا، أن «إطلاق النار بهدف القتل باستهداف الرأس والصدر انتهاك فاضح للحق فى الحياة، وعلى السودان أن يكف فوراً عن هذا القمع العنيف الذى تمارسه قواته الأمنية». وأوضحت المنظمتان أن خمسين شخصاً على الأقل قتلوا، بينما أصيب ما لا يقل عن 100 منذ بداية الاحتجاجات، وفق مصادر قابلتها المنظمات، ومن بين القتلى طفل فى سن الرابعة عشرة سقط فى الخرطوم، ويبدو أن أعمار نصف الضحايا تتراوح بين 19 و26 سنة. ودعا عثمان حميدة، المدير التنفيذى للمركز الأفريقى السودانى، إلى التحقيق حول «اللجوء غير المتناسب إلى القوة ومزاعم حول إطلاق النار بهدف قتل المحتجين». وتحولت تظاهرات الأيام الأخيرة أحياناً إلى أعمال نهب وتدمير لممتلكات خاصة وعامة، نسبها التليفزيون الرسمى إلى «خارجين عن القانون». ودعت مجموعة تسمى نفسها «تحالف شباب الثورة السودانية»، فى بيان لها مساء أمس الأول، إلى «مواصلة الانتفاضة المجيدة حتى تحقيق المطالب الشعبية فى حياة كريمة وعادلة، وأيضاً تنحى رئيس الجمهورية ومساعديه وحل الحكومة، وتكوين جبهة قومية لانتشال البلاد». وألقت الأجهزة الأمنية السودانية القبض على 142 متهماً خلال الأحداث الأخيرة التى شهدتها مدينة «ود مدنى» عاصمة ولاية «الجزيرة»، مؤكدة أن خمسة من رجال الشرطة أصيبوا خلال الاحتجاجات، وتم نقلهم إلى المستشفيات، فيما تم حرق 6 محطات وقود وجزء من مبنى أحد البنوك ومحطة كهرباء «ود مدنى»، بالإضافة إلى إحراق ونهب عدد من السيارات والمحال التجارية ومحال للذهب، فى أحداث الشغب التى شهدها عدد من الولايات السودانية، وخاصة مدينتى «ود مدنى» و«أم درمان». وكشف الناطق الرسمى باسم حكومة ولاية «الجزيرة» محمد الكامل فضل الله، فى تصريح له أمس، عن أن المقبوض عليهم فى أحداث الشغب ب«ود مدنى» تم تصنيفهم إلى مجموعتين؛ الأولى تضم 17 متهماً، وهم الذين شاركوا فى أعمال الشغب فقط ولم يحدثوا تلفاً، وستتم محاكمتهم بعد أسبوع، مشيراً إلى أنه تم الإفراج عن تلك المجموعة بضمانات من ذويهم لإحضارهم إلى المحاكمة. وأوضح أن المجموعة الثانية سيتم التحفظ عليها لتقدم إلى المحاكمة بعد تقييم التلف، مؤكداً أنهم متهمون بأحداث تلف وتخريب بمدينة «ود مدنى». وحذر المهندس إبراهيم محمود حامد، وزير الداخلية السودانى، من أن أمن المواطن «خط أحمر» لا تهاون إطلاقاً مع من يزعزعه، داعياً إلى تضافر الجهود لتوفير الأمن والاستقرار فى البلاد، مطالباً السودانيين بألا ينجروا مع وسائل إعلام معادية للسودان، لإثارة الفتن وتأجيجها. وفى سياق منفصل، ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، أمس، أن بعثة السودان الدائمة لدى الأممالمتحدة أعدت مذكرة احتجاج شديدة اللهجة بشأن عدم تمكن الرئيس السودانى عمر البشير من المشاركة فى فعاليات الدورة (68) للجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب عدم إصدار تأشيرات الدخول اللازمة له وللوفد المرافق من قِبل البلد المضيف (الولاياتالمتحدة).