دخل مرتدياً الزى الإفرنجى «بذلة ورابطة عنق»؛ ظناً منه أنه سيخرج متولياً وزارة البترول، فإذا به يخرج ب«الكاكولا» الأزهرية وعليها «عمامة» وزارة الأوقاف، فرضى وحمد الله فى تغريدة على «تويتر». كانت أعمدة البخور تتصاعد بين جنبات مسجد بلال بن رباح بمدينة نصر يوم الخامس والعشرين من يناير والشيخ يعتلى منضدة مفروشة بقطعة من الإسفنج الوثير.. كان منهمكا فى شرح فصل من فصول السياسة الشرعية والأحكام السلطانية وحوله تلامذته يرنون إليه من قريب. بعد خمسة أيام على سقوط نظام مبارك ظهر الشيخ فى ميدان التحرير يزفه تلاميذه: «يسقط يسقط حسنى مبارك»، عندها أصبح الشيخ ثائراً! مضى شبح النظام فما لبث أن طاف على شيوخ السلف ليلقى فى حجر جلابيبهم البيضاء اقتراحا بتشكيل «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» لتضم علماء مصر الشرعيين ليوجهوا الرعية لما فيه الخير لهم ولأمتهم.. هكذا قال الشيخ. توالت الأيام فزج بالشيخ أو زج هو بنفسه فى أتون المعركة السياسية وخاض للمرة الأولى انتخابات مجلس الشعب بعد الثورة، بدا فى البدابة أنه واثق من فوزه فقد تداعت على الرجل كل التيارات الإسلامية لنصرته فى معقل دعوته «مدينة نصر» فى مواجهة «الفتى الغر» مصطفى النجار... قيل وقتها إن الزعيم الإخوانى خيرت الشاطر هو من زج بالشيخ لكسر شوكة الثوار المتمردين. اشتعلت جذوة المعركة وتطاير لهيب الشائعات المغرضة.. النجار علمانى وعميل أمريكى ومدعوم من النصارى. توافرت كل عناصر هزيمة النجار إلا أنه لم يهزم. لقد انتصر على أسود التنظيمات الإسلامية... أغلق إبراهيم الهاتف وظل معتكفا الناس إلى أن زاره «الرأس الكبير» لينبئه: «يا إبراهيم لا تحزن سنعوضك قريبا بأحسن منها». ومضت شهور وزجت جماعة الإخوان المسلمين بمرشحها لرئاسة مصر فأتى دور الهيئة التى بات إبراهيم أمينا عاما لها واجتمعت فى ظل غياب أبرز الشيوخ المناهضين لترشح إخونى لمنصب الرئيس وأخذت قرارها الأهم منذ نشأتها: «دعم مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى لرئاسة مصر».. تساءل البعض هل هذا حقا هو الخير الذى أسست من أجله تلك الهيئة المقدسة؟ ثار غضب عدد من شيوخ السلفيين المعارضين لخوض مرسى الرئاسة، لقد اكتشفوا أن الهيئة لم تعد هيئتهم بعد أن تغيرت الأوزان النسبية بها لصالح مؤيدى جماعة الإخوان، كان إبراهيم هو مخلب القط ورجل الجماعة الأول الذى كلف بهذا الدور.. فكانت المكافأة.