وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    الأردن والعراق يؤكدان ضرورة خفض التصعيد في المنطقة    بعد تصريحات حسن نصرالله.. سماع دوي انفجارات في بيروت    أبو الغيط يعرب عن تطلعه إلى دعم سلوفينيا للقضية الفلسطينية    ولي عهد الكويت يبحث مع رئيس شركة أمريكية سبل تعزيز التعاون المشترك    طائرات الاحتلال تشن غارات على بلدة شقرا جنوب لبنان    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    فابريجاس يحقق فوزه الأول في الدوري الإيطالي    قلق في الأهلي بسبب رباعي الزمالك قبل السوبر الأفريقي.. وتصرف هام من كولر    إصابة 7 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بقنا    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    محافظ أسوان: لا توجد أي حالات جديدة مصابة بالنزلات المعوية    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    هل انتقلت الكوليرا من السودان إلى أسوان؟ مستشار رئيس الجمهورية يرد    أبو الغيط يلتقي رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي    السفير ماجد عبد الفتاح: تعديل موعد جلسة مجلس الأمن للخميس بمشاركة محتملة لماكرون وميقاتي    الإمارات والولايات المتحدة توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون الجمركي    ارتفاع كبير في سعر الجنيه الذهب بختام تعاملات الثلاثاء 24 سبتمبر    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    المباراة 300 ل أنشيلوتي.. ريال مدريد يكسر قاعدة الشوط الأول ويفلت من عودة ألافيس    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    "الناس ظلمتني وبفعل فاعل".. أبو جبل يكشف كواليس فشل انتقاله إلى الأهلي    بعد الاستقرار على تأجيله.. تحديد موعد كأس السوبر المصري في الإمارات    يقفز من جديد 120 جنيهًا.. مفاجأة أسعار الذهب اليوم الأربعاء «بيع وشراء» عيار 21 بالمصنعية    مياه المنوفية ترد على الشائعات: جميع المحطات بحالة جيدة ولا يوجد مشكلة تخص جودة المياه    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    حريق داخل محل بجوار مستشفى خاص بالمهندسين    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    رئيس الإمارات يبحث التطورات بمجال التكنولوجيا الحديثة مع مسؤولين في واشنطن    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    وفاة الإعلامي أيمن يوسف.. وعمرو الفقي ينعيه    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحوت    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج العذراء    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الدلو    «بفعل فاعل».. أبوجبل يكشف لأول مرة سر فشل انتقاله إلى الأهلي    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    متحدث الوزراء عن التقاء "مدبولي" بالسفراء: هدفه زيادة الاستثمارات    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    السعودية وبلغاريا تبحثان تعزيز علاقات التعاون    «اللي يصاب بالبرد يقعد في بيته».. جمال شعبان يحذر من متحور كورونا الجديد    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    طريقة عمل الزلابية، لتحلية رخيصة وسريعة التحضير    آيتن عامر تعلق على أزمتها مع طليقها وكواليس فيلمها الجديد (فيديو)    فوائد زبدة الفول السوداني، لصحة القلب والعظام والدماغ    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للقوات الجوية والدفاع الجوى    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    5 توصيات لندوة "الأزهر" حول المرأة    صاحبة اتهام صلاح التيجاني بالتحرش: اللي حابة تحكي تجربتها تبعتلي ونتواصل    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفارة «فرسان مالطة» ومثلث الشر والتآمر
نشر في الوطن يوم 14 - 09 - 2013

فى منطقة وسط العاصمة.. 18 شارع هدى شعراوى.. يلاحظ المارة وجود يافطة كتب عليها باللغة الفرنسية «Ambassade De L'ordre souveraine et Militaire De Malte»
وترجمتها الحرفية: «سفارة النظام العسكرى ذى السيادة المستقلة لمالطة».. ذلك هو مقر سفارة «فرسان مالطة» بالقاهرة التى تم افتتاحها عام 1980 والتى لا علاقة لها بسفارة مالطة.
إذن السفارة تصف نفسها بأنها تمثل نظاماً عسكرياً، وهو ما يتماشى مع حقائق التاريخ التى تؤكد أن فرسان مالطة هم امتداد لما كان يسمى إبان الحروب الصليبية «فرسان الهوسبتاليين».. أما حقائق السياسة والجغرافيا فتشير إلى أن هذه السفارة تعبر عن دولة وهمية.. لا تملك أرضاً، ولا شعباً، ولا حكومة.. ومن الناحية الإعلامية تؤكد السفارة أنها تختص بالأنشطة الخيرية.. الإسعاف عند وقوع كوارث طبيعية، فى الميادين التى تشهد نزاعات مسلحة حيث يتم إرسال الفرسان والمتطوعين والأدوية ومياه الشرب والمواد الغذائية.. فإذا انتقلنا للواقع سنجد أنهم لعبوا دوراً رئيسياً فى عمليات التبشير والمخابرات التى انتهت بفصل جنوب السودان، ويسعون حالياً لممارسة نفس الدور فى دارفور، كما لعبوا نفس الدور فى فصل «تيمور» عن أندونيسيا، وأيضاً فى تقسيم العراق والتدخل فى أفغانستان.. ما هى حكاية سفارة «فرسان مالطة» بالقاهرة؟! ذلك هو موضوع المقال..
■ ■ ■
بدأ أول ظهور للجماعة فى مدينة القدس عام 1070م كهيئة خيرية تحت اسم: فرسان المستشفى «الهوسبتاليين»، وقد أسسها بعض التجار الإيطاليين، بحجة رعاية مرضى الحجاج المسيحيين، بمستشفى (القديس يوحنا) قرب كنيسة القيامة ببيت المقدس، ولكن بمجرد بدء الحروب الصليبية الأولى عام 1097 شاركوا فى العمليات وتبين أنهم جماعة أصولية مسيحية عسكرية مقاتلة منشقة عن منظمة «فرسان المعبد»، وأنها تعمل تحت رعاية بابا روما وقامت بدور رئيسى «كمقدمة» فى إنجاح الغزو الصليبى لفلسطين.
بعد هزيمة الصليبيين فى موقعة حطين عام 1187، على يد صلاح الدين الأيوبى، وتحرير فلسطين وبقية بلاد الشام من الفرنجة عام 1291، انطلقت الجماعة إلى قبرص ومنها إلى رودس - بعد أن تمكنت من طرد العرب منها- ومارست القرصنة ضد السفن والسواحل العربية والتركية إلى أن تمكن الأتراك من طردهم من الجزيرة فى أول يناير 1523، لكن الملك «شارل كنت»، ملك فرنسا، منحهم السيادة على جزيرة مالطة فى 24 مارس 1530، كما كانت لهم السيادة العملية كذلك على عدة جزر أخرى، بالإضافة إلى مدينة طرابلس (التى كانت تتبع عرش صقلية). وقد صدق البابا (كليمنت السادس) على ذلك فى 25 أبريل 1530، ومن ثم أصبح النظام يمتلك مقراً وأقاليم جديدة أدت إلى تغيير اسمه فى 26 أكتوبر 1530م إلى «النظام السيادى لفرسان مالطة»، واستمر هذا النظام فى عدائه للمسلمين وقرصنته لسفنهم حتى كوّن منها ثروات طائلة، واستطاع أن يدافع عن دولته فى عام 1570 عندما حاصرها الأتراك لمدة 3 أشهر فى معركة انتهت بتدميرهم للقوة البحرية العثمانية عام 1571.
وبقيام الثورة الفرنسية 1789 ومعاداتها لفرسان مالطة الأصوليين، ثم غزو فرنسا لإيطاليا، فقد الفرسان ممتلكاتهم وامتيازاتهم فى كلتا الدولتين، ثم انتهى بهم الأمر بفقدان مقرهم فى مالطة نفسها وطردهم منها على يد نابليون، أثناء حملته على مصر عام 1798، وعندما استولى الأميرال (نلسون) على مالطة من الفرنسيين، وتم توقيع معاهدة الأمينس (Amiens) عام 1802، أعيدت لفرسان مالطة الحقوق السيادية فى الجزيرة، إلا أن كونجرس (فاليتا)، عاصمة مالطة، قرر إسناد إدارة الجزيرة للإمبراطورية البريطانية، وبالتالى انقطع اتصال الفرسان نهائياً بمالطة، وانتهى بهم المطاف بالحصول على مقر رمزى داخل الفاتيكان فى العاصمة الإيطالية روما عام 1834.
يرأس فرسان مالطة الرئيس الأعلى Grand Master وهو ينتخب لمدى الحياة ولديه صفة أمير ورئيس دينى، ومقره «قصر مالطة» فى الفاتيكان. وقد انتخب الرئيس الحالى الأمير ماثيو فاستينج، الفرنسى الأصل، فى 11 مارس 2008 من قبل المجلس العام، بعد وفاة سلفه أندرو بيرتى، البريطانى الأصل، فى 7 فبراير 2008.
وتضم المنظمة حالياً نحو 13 ألف فارس و80 ألف متطوع دائم، وهيئة طبية تشمل 20 ألف شخص من أطباء، وممرضين ومسعفين، يشكّلون عماد نشاطاتها المنتشرة فى مختلف أنحاء العالم، وتعتبر «فرسان مالطة» دولة «افتراضية» ؛ فهى بلا أرض ولا حكومة ولا شعب، تمثلها 96 سفارة «افتراضية» حول العالم، ورغم أنها تاريخياً تناصب الإسلام العداء -وهو الأمر المحورى فى نشاطها- فلها سفارات رسمية فى أكثر من 16 بلداً إسلامياً، إضافة إلى 7 بلاد عربية هى المغرب، مصر، تونس، السودان، موريتانيا، لبنان، والأردن، ومن الغريب أن تتناقل مصادر الأنباء أن شيمون بيريز هو الذى أوصى الرئيس السادات بإقامة علاقات رسمية مع منظمة فرسان مالطة، لكن المفارقة تتضح حين يكتشف المرء أن إسرائيل لم تصرح لفرسان مالطة بفتح سفارة على أراضيها!!
■ ■ ■
فرسان مالطة واستكمال مثلث الشر والتآمر
كان بعض الفرسان الذين تفرقوا عقب طردهم من مالطة على يد نابليون قد اتجهوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وصادف وصولهم فترة الحروب الأهلية هناك وشهدت هذه الفترة ظهور منظمة الكوكلوكس كلان (Ku- Klux _ Klan) الإرهابية العنصرية، التى تطالب بالدفاع عن المذهب الكاثوليكى وعن سيادة الرجل الأبيض وضرورة تمييزه على المواطنين السود فى الحقوق، وتوثقت العلاقات بين فرسان مالطة الفارين إلى أمريكا، إلى حد ظهور تنظيم سرى داخل الكوكلوكس كلان يدعى فرسان الكاميليا (Knights of Camilia) يتبنى نفس مبادئها ويلتزم بنفس التسلسل القيادى لفرسان مالطة وبملابسهم الاحتفالية البيضاء.
ونشير هنا إلى أن كلتا الحركتين (الفرسان، وكوكلوكس كلان) كانت تركز على العودة لأصول الدين المسيحى الكاثوليكى، حتى إنه ليبدو أن مطاردتهم للسود وكذلك الآسيويين من غير العنصر الأبيض فى الولايات المتحدة كان اضطهاداً (دينياً) قبل أن يكون (عنصرياً) على اعتبار أن أصل هؤلاء السود والآسيويين (الذين تم جلبهم غالباً إلى أمريكا عن طريق تجار الرقيق) يعود إلى أفريقيا وآسيا، حيث كان غالبية السكان يدينون بالدين الإسلامى (قبل حملات التبشير فيما بعد)، فضلاً عن أن بعضهم جاءوا من المناطق التى سبق أن طُرد منها فرسان مالطة، وهو سبب كافٍ لاضطهادهم وتفريغ شحنات الغضب فيهم..!!
■ ■ ■
فى 1993، أشعل هنتنجتون نقاشاً مستعراً حول العالم فى مجال العلاقات الدولية بنشره فى مجلة «فورين أفيرز» مقالاً شديد الأهمية والتأثير بعنوان «صراع الحضارات»، ثم قام لاحقاً بتأصيلها فى كتاب بعنوان «صراع الحضارات وإعادة صياغة النظام العالمى»، حيث أكد أن صراعات ما بعد الحرب الباردة ومعظم القرن العشرين سترتكز على أسس ثقافية بين الحضارات الغربية، الإسلامية، الصينية الهندوسية.. إلخ، بدلاً من الأسس العقائدية، وقال إن «الغرب فاز بالعالم ليس بتفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته، ولكن بتفوقه فى تطبيق العنف المنظم. الغربيون غالباً ما ينسون تلك الحقيقة، إلا أن غير الغربيين لا ينسونها أبداً «ومنذ ذلك الوقت تلاحظ اهتمام الولايات المتحدة بفرسان مالطة باعتبارهم إحدى الأدوات المهمة التى يمكن الاعتماد عليها فى تلك الحروب.
وفى الأسابيع التى أعقبت هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على نيويورك وواشنطن أشار بوش للصحفيين إلى رد الفعل الأمريكى تجاه ما تعرضت له بلاده من تدمير قائلاً: «هذه الحملة الصليبية.. هذه الحرب على الإرهاب ستستغرق فترة من الوقت».، وبعد مواجهته لحالة من القلق أصابت العالم بسبب هذا التصريح أعلن البيت الأبيض فى وقت لاحق أن بوش يشعر بالأسف لاستخدامه هذا التعبير، إلا أنه عاد مجدداً لاستخدام تعبير «حملة صليبية» فى 19 أبريل 2004 فى خطاب لجمع التبرعات لحملته الانتخابية، كما كررها فى حديثه إلى الجنود الكنديين عندما دعاهم قائلاً: «قِفوا إلى جانبنا فى هذه الحملة الصليبية المهمة».
من جهتهما يكشف الباحثان الأيرلندى سيمون بيلز والأمريكية ماريسا سانتييرا، اللذان تخصصا فى بحث السياق الدينى والاجتماعى والسياسى للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، عن أن أبرز أعضاء جماعة فرسان مالطة من السياسيين الأمريكيين رونالد ريجان وجورج بوش الأب، اللذان كانا عضوين فاعلين فى المنظمة، كما يشير موقع فرسان مالطة إلى أن من بين الأعضاء البارزين فى الجماعة بريسكوت بوش وهو الجد الأكبر لجورج بوش الابن.. ويرى الباحثان أنه لا يمكن انتزاع تصريحات الرئيس بوش من هذا السياق.
■ ■ ■
تتعاون الولايات المتحدة مع شركة بلاك ووتر أمريكا (Blackwater USA) فى تنفيذ برنامج ضخم خاص بحماية الشخصيات والمؤسسات الأمريكية فى الخارج الذى يمتد إلى سبع وعشرين دولة على الأقل، وهذه الشركة تمثل إحدى المؤسسات المرتبطة بالجمهوريين بشكل خاص، ومؤسسها هو ال«ميجا - مليونير»، المتطرف اليمينى الأصولى والضابط السابق فى البحرية، إيريك برينس، سليل أسرة غنية من المحافظين لطالما قامت بتمويل الحركات اليمينية والمسيحية المتطرفة، وقد قام «برينس» بتعيين أحد كبار أعضاء منظمة فرسان مالطة وهو جوزيف سميتز مستشاراً لمجموعة شركاته المالكة لشركة (بلاك ووتر)، وقد عمل سميتز مفتشاً عاماً فى وزارة الدفاع الأمريكية، مما أكسبه القدرة على التنسيق الثلاثى بين وزارة الدفاع فيما يتعلق بالاحتياجات من الأسلحة والمعدات، وفرسان مالطة بالنسبة لتجنيد الأفراد المدربين، وشركة بلاك ووتر التى أصبحت أكبر مؤسسة عسكرية خاصة تتعاقد مع الولايات المتحدة فى مجالات التدريب العسكرى لعشرات الآلاف من القوى والوكلاء المحليين والفيدراليين كل عام، وكذلك تدريب قوى من الدول الصديقة، والشركة تمتلك قسماً استخبارياً خاصاً بها، وتضم من خلال مدرائها التنفيذيين العديد من موظفى المخابرات والعسكريين السابقين، ومؤخراً بدأت ببناء تسهيلات جديدة فى كاليفورنيا (بلاك ووتر وست) وفى إلينوى (بلاك ووتر نورث)، هذا بالإضافة إلى غابات التدريب والتسهيلات الأخرى فى الفلبين، وترتبط الشركة بعقود مع الحكومة الأمريكية تتجاوز 500 مليون دولار، لا تشمل بالطبع ميزانية عملياتها السرية فى تعاقداتها مع وكالات المخابرات الأمريكية، هذا بالإضافة إلى الشركات الخاصة والأفراد والحكومات الأجنبية الأخرى. وكما ذكر أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى، فإن الشركة، بالمعنى العسكرى الحقيقى، تستطيع التخلص من الكثير من الحكومات فى العالم، ونشير إلى عدد عناصرها فى العراق قد وصل إلى حوالى (200) ألف معظمهم ينتمون للأيديولوجية الصليبية.
■ ■ ■
مثلث الشر والثورة المصرية
مثلث الشر هذا كان له دور هدام فى مصر خلال الثورة، العديد من المواطنين أكدوا للفضائيات بأنهم قد رصدوا قناصة أجانب يحتلون سطح الجامعة الأمريكية وعدداً من العمارات المطلة على ميدان التحرير بالقاهرة ليلة 28 يناير 2011 -التى قرر الإخوان فيها المشاركة الصريحة فى الثورة بعد التنسيق مع الولايات المتحدة- اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية الأسبق، أكد أن شرائط الفيديو تثبت أن هؤلاء القناصة كانوا من الأجانب، وأنهم كانوا يحملون أسلحة متطورة مزودة بأشعة الليزر، وهى أسلحة غير متوافرة بمصر، أما المواطن «درويش أبوالنجا» فقد حرر محضراً رسمياً بقسم شرطة بولاق أبوالعلا برقم 2884 لسنة 2011 أكد فيه أنه قد تمكن من تصوير 6 من القناصة ملامحهم أجنبية أثناء إطلاقهم الرصاص على المتظاهرين فى ميدان التحرير وشارع قصر العينى يوم 28 يناير 2011.
أما شبكة «إن بى سى» الأمريكية فقد ذكرت أنه تمت الاستعانة بعناصر بلاك ووتر لإنقاذ ممرضة أمريكية متقاعدة تقطن بشقة مطلة على ميدان التحرير أثناء الثورة وتدعى مارى ثورنسرى، كانت قد حبست نفسها خوفاً داخل شقتها أثناء المظاهرات، وهو ما يتماشى أيضاً مع اعتراف إيريك برينس، رئيس شركة بلاك ووتر، نفسه لأكثر من وسيلة إعلامية بأن بلاك ووتر لها أنشطة خاصة بمصر.
وفيما يتعلق بالسيارات الأمريكية التى دهست عشرات المتظاهرين خلال أحداث الثورة، فهى تؤكد أيضاً مشاركة ذلك الثالوث فى أحداث الثورة، فقد خرج من جراج السفارة ليلة 28 يناير 2011 دفعة واحدة وفى طابور منتظم 22 سيارة دبلوماسية جميعها من ماركات لا يمكن تشغيلها سوى بالنسخة الأصلية لمفاتيحها، وبمجرد خروجها تحركت فى اتجاهات مختلفة كان أحدها شارع قصر العينى، الذى كان مكتظاً بالمتظاهرين، الذين حاولوا استيقافها لكنها دهست منهم العشرات لأنه لم يكن مسموحاً بكشف انتماء قائديها مهما كان الثمن، وبعد استخدام هذه السيارات فى متابعة أحداث الثورة بمختلف ميادين مصر فى غياب كامل لأجهزة الأمن، وتخلى مبارك عن الحكم، ضبطت الشرطة بعض هذه السيارات حتى إن واحدة منها كان تقف أمام النادى الدبلوماسى بوسط المدينة، أما البعض الآخر والذى كان يتعلق به مشاكل جمركية فقد اختفى تماماً!!
العقيد عمرو الرجيلى، قائد قوات الأمن المنوط بها حماية السفارة الأمريكية، قال فى التحقيقات التى جرت معه بالنيابة العامة: إن السيارات التى تتبع السفارة وتم الإبلاغ عن سرقتها بلغ عددها 22 سيارة لا 12.. غير أن هذه السيارات لا تعمل بدون المفاتيح الخاصة بها وحتى لو تم سرقتها فلا يمكن تشغيلها بدون هذه المفاتيح المزودة بشفرة خاصة لا يعلمها إلا العاملون عليها، ولا توجد إلا داخل السفارة الأمريكية وحدها، أما الدكتور «عصام النظامى»، الأستاذ بطب قصر العينى والناشط السياسى، فقد أكد أن شهود العيان شاهدوا 22 سيارة تخرج كلها فى وقت واحد من باب الجراج الخاص بالسفارة يوم 28 يناير ومن المستحيل أن تتم سرقة كل هذا العدد من السيارات فى وقت واحد خاصة مع الإجراءات الأمنية المعقدة والكاميرات المنتشرة على أبواب السفارة.
■ ■ ■
السفارة الأمريكية على رأسها قائم بالأعمال.. رجل مخابرات محترف.. له تاريخ أسود فى تنفيذ مخطط تفكيك العراق من خلال عمليات التفجير والاغتيالات ونشر الفوضى.. يستعين بشركة -لم يتم التصريح لها بالعمل فى البلاد- لتنفيذ عمليات خاصة ذات طابع مخابراتى عسكرى.. تتعاون مع سفارة معتمدة بالبلاد فى إمدادها بالمقاتلين المدربين لتنفيذ عملياتها، تحت ستار الأنشطة الخيرية.. هل تسمح حساسية الأوضاع فى البلاد بترك هذا القائم بالأعمال يستكمل عمله بكل حرية؟! هل تسمح بترك أكثر من 1200 دبلوماسى يدعمونه، معظمهم من عناصر المخابرات؟! هل تسمح باستمرار سفارة لا تمثل دولة وليس لديها إقليم ولا شعب ولا حكومة فى ممارسة أنشطتها المشبوهة؟!
قرارات حاسمة وعاجلة تفرض نفسها.. تتعلق باستبدال القائم بالأعمال من خلال الطرق الدبلوماسية الودية.. والتخفيض المتبادل لعدد الدبلوماسيين فى السفارتين الأمريكية بالقاهرة والمصرية بواشنطن على النحو الذى يتناسب مع تراجع مجالات التعاون، ويحقق التساوى فى عدد الأعضاء العاملين بالبعثتين عند حده الأدنى، وتحذير السفارة الأمريكية من أن تسمح لشركة بلاك ووتر بممارسة أية أنشطة من خلالها.. سحب كافة المزايا والحصانات الدبلوماسية لسفارة فرسان مالطة وإسقاط الطابع العسكرى عنها، اسماً ووضعية.. والسماح لها فقط بممثل لرعاية مصالحها لحين تصفية كافة أعمالها خلال فترة زمنية محددة (تتولى السفارة تجديد مستشفى علاج مرضى الجذام فى محافظة القليوبية ولا نعرف لها إنجازات أخرى).. ذلك هو الحد الأدنى المطلوب من الإجراءات الكفيلة بتأمين الوطن فى مواجهة مخاطر جسيمة يمثلها ذلك الثالوث الهدام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.