«ورقة» الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور كانت «لعبة» السلطات المختلفة التى تعاقبت علينا بعد ثورة 25 يناير؛ فكل الحكومات التى شهدتها مصر خلال الأشهر العشرين الماضية ناورت بهذه الورقة على «الورق» فقط، دون أن يرى المواطن «الغلبان» مليماً أحمر أو يؤخذ من المواطن «المتريش» -الذى عبر البراميل فى بحر الدخول- جنيه واحد. فى عهد المجلس العسكرى، برئاسة المشير طنطاوى، صدر مرسوم بقانون الحدين الأدنى والأقصى للأجور ولم يطبَّق، وفى عصر «المعزول» وافقت اللجنة التشريعية بمجلس الشورى على دستورية القوانين الخاصة بالحد الأدنى والحد الأقصى للأجور. وأمس الأول اجتمعت حكومة «الببلاوى» واتخذت مجموعة من القرارات من بينها: إصدار قانون الحد الأدنى للدخل، وإصدار قانون الحد الأقصى للدخل! والواضح أن حكومة «الببلاوى» لن تفعل أكثر مما فعله المجلس العسكرى بقيادة «طنطاوى» أو «مرسى» قبل أن يتم عزله؛ فالمتوقع أن تكتفى ب«تحبير» الورق بالحديث عن هذا القانون دون أن تمنح المواطن شيئاً، ولا بأس أن يتواصل حديث الوزراء المختصين بحكومة «الببلاوى» عن هذا القانون. انطلاقاً من القاعدة المصرية الشهيرة: «الكلام ماعليهوش جمرك»! ولعل أكبر دليل على ذلك هذا التصريح الذى أدلى به الدكتور حازم الببلاوى نفسه -ضمن حوار أجراه مع جريدة «المصرى اليوم»- وقال فيه: «لن نصدر قانون الحد الأدنى للأجور الآن»، جاء ذلك يوم الخميس الماضى، أى فى نفس اليوم الذى شهد اجتماع مجلس الوزراء برئاسة «الببلاوى»، الذى تناول موضوع إصدار قانون الحدين الأدنى والأقصى للأجور. وقد يكون من المقصود أن يخرج «الببلاوى» نافياً زيادة الحد الأدنى للأجور، فى الوقت الذى يؤكد فيه مجلس الوزراء صدور قانون بذلك، ومن المعلوم أن اجتماع المجلس يتم بحضور النائب الأول لرئيس الوزراء الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وإدارة الأمر بهذه الصورة تكاد تكون إشارة لكل لبيب يريد أن يفهم من هو صانع القرار فى مصر حالياً! لقد سبق أن ردد كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة، الكثير من التصريحات حول قانون الحد الأدنى للأجور، وقد قال أكثر من مرة إن حكومة «الببلاوى» ستقر القانون لأنها حكومة ثورة! والخوف أن يكون عدم الوفاء بهذا الوعد بداية النهاية! لقد حدث ذلك أيام حكومة عصام شرف الثورية التى كانت تعمل فى ظل المجلس العسكرى، التى أعقبتها حكومة «الجنزورى»، وتكرر أيام حكومة هشام قنديل «الثورية جداً» فى ظل حكم «مرسى»، وها هو الدور يأتى على حكومة الببلاوى «الثورية خالص أوى جداً»، التى تعمل فى ظلال الرئيس المؤقت عدلى منصور ومستشاريه، والنائب الأول له الفريق أول عبدالفتاح السيسى. كل ما أخشاه أن يندفع الشعب الذى أسقط كل من ضحك عليه بعد 25 يناير وحتى 30 يونيو، ويرفع شعار «كمل جميلك» مع السلطة الحالية.. ويكمله!