بدأت الحلقة الثامنة من "عمر"، بمشهد لأبي الحكم وهو يسب محمدًا، عندما رآه يصلي في الكعبة، فتوجه إليه أبو الحكم غاضبا:"أنت يا مذمم، ألا تكف عن هذا، ألم أنهك عنه. ألم يَكْفِكَ أنك صبأت عن ديننا، وفرقت جماعتنا، وضللت أباءنا، وعيبت آلهتنا ثم أفسدت علينا ابناءنا ونساءنا وعبيدنا وموالينا، وأتيت بكل قبيح حتى تُعفِّر وجهك بالصلاة أمام أعيننا. واللات ما عرفت قريش، أشد ولا أشأم منك، فإن كان لابد فاعتزلنا وأرحنا من مشهدك فقد أبغضناه فواللات إن رأيتك هنا بعد لأرضخن "أقذفن" رأسك بالحجر". ورت سيدة "لم يتضح إن كانت مسلمة أم لا"، رأت ما فعله أبو الحكم، ما حدث منه صوب محمد، لعم النبي محمد "حمزة بن عبد المطلب"، وقالت له:"لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم بن هشام، وَجَدَه هناك جالسًا أذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد"، فرد عليها حمزة :"أو فعل ذلك". فقالت :"إي وربي". فانطلق حمزة، والذي كان راجعًا لتوه من رحلة صيد "كانت هوايته"، ممتطيًا جواده، صوب أبي الحكم والذي كان معه كبراء قريش ومن بينهم عمر، فلكمه حمزة لكمة قوية، وقال له:"أتشتمه وأنا على دينه. أقول ما أقول". فهمَّ بعض القوم للانقضاض على حمزة، فصاح أبو الحكم فيهم قائلا:"دعوا أبا عمارة، فإني والله قد سببت ابن اخيه سبا قبيحًا". وعاتب كبراء قريش أبا الحكم على ما فعل، وقالوا له إنه بفعلته هذا من سب محمد دفع حمزة للإيمان به، وقال أبو سفيان:"والله ما عز الإسلام بأحد حتى اليوم كما عز بإسلام حمزة". واتجه حمزة صوب النبي محمد، وأعلن إسلامه، وقال للنبي:"كنت أنصرك حمية والآن أنصرك للإسلام". انتقلت الحلقة بعد ذلك إلى عمر، وهو يحدث نفسه بأن ما يحدث في مكة كلها سببه محمد، وجر المصائب على قريش ، وحدثته نفسه بقتل محمد " وددت لو أذهب إليه فأضربه بالسيف". وتوشح عمر سيفه، وخرج غاضبًا، فقابله رجل ورأى على وجهه علامات الغضب فاستوقفه، وقال له:"ما خرجت متوشحًا سيفك إلا لأمر عظيم". فرد عمر:"أريد هذا الرجل محمدًا الذي فرق أمر قريش". فقال الرجل:"ماذا قلت" . قال عمر:"رجلا برجل". فقال الرجل:"والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أتُرى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض، وقد قتلت محمدًا. قال عمر:"بل أمضي إلى بني هاشم ويقتلوني به وينقضي هذا الأمر. أهون الشر". فقال الرجل:"ألا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم أولاً. قال عمر:"أي أهل بيتي؟" قال الرجل:"أختك فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو، فقد أسلما وتبعا محمدًا على دينه. وهنا يشتد غضب عمر، وتتغير قسمات وجهه، ويغير وجهته صوب بيت أخته، وعندما اقترب من الباب سمع خباب يتلو آيات من سورة طه فوقع بعضها في قلبه، قبل أن يطرق الباب بشدة فيختبئ خباب بن الأرت، وتفتح فاطمة الباب. وقال عمر غاضبًا:"لقد سمعت أنكما صبئتما وتابعتما محمد على دينه". فرد عليه سعيد:" أرأيت يا عمر لو كان الحق في غير دينك، فقال عمر إذن فعلتما، وانهال على سعيد ضربًا، فحاولت فاطمة منعه، وصاحت إليك عن زوجي أيها المتجبر، فدفعها عمر بقوة فأدماها في فهما، فقالت:"يا عدو الله أتضربني وزوجي على أن نوحد الله، ما كنت فاعلاً فافعل أشهدا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله". قد أسلمنا على رغم أنفك". وما إن سمع عمر أخته، حتى هدأ، وترك زوج أخته، وحاول أن يطمئن على جرحها، فقالت له :"إليك عني". وجلس عمر على وسادة، ووقع نظره على الصحيفة التي كانت بها آيات من القرآن، فهمَّ أن يأخذها، فقالت فاطمة:"ويحك"، فرد عمر:"لقد وقع في قلبي ما قلت"، فأعطته إياها. وبدأ عمر يقرأ:" طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى". وهنا توقف عمر وقال:"أمن هذا فرت قريش". وتابع القراءة:"إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتُجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى". وقال عمر:"ينبغي لمن يقول هذا ألا يُعبد معه غيره". عندما سمع خباب قول عمر خرج من مخبأه، فرآه عمر وقال له :"أنت القارئ"، فقال خباب:"أبشر يا عمر فإن أرجو أن تكون قد سَبقت فيك دعوة رسول الله، اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي الحكم ابن هشام، أو بعمر بن الخطاب". فقال عمر :"أو قد قال ذلك". فرد خباب:"أما والله قد قالها". فتذكر عمر قول عبد الله بن مسعود له، و"الله إنك لخير الرجلين، وما أظن دعاء النبي يخطئك". فقال عمر :"خذوني إلى رسول الله وأصحابه". وذهب عمر إلى رسول الله، فطرق الباب، فقال من كان خلف الباب:"إنه عمر بن الخطاب جاء متوشحًا سيفه"، فنظر الحضور بعضهم إلى بعض، وكان من بينهم بلال وأبو بكر الصديق وحمزة بن عبد المطلب". وقال حمزة لهم:"مالكم قد وجتمتم، افتحوا له فإن يرد به الله خيرا يسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينًا. وفُتح الباب لعمر، فطبق حمزة في رقبته، وقال له:"ما جاء بك الساعة متوشحًا سيفك لإن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة". وهنا خرج النبي عليهم، فقال عمر :"يا رسول الله جئتك أؤمن بالله ورسوله، وبما جئت به من عند الله". وما إن سمع الحضور ما قاله عمر حتى كبروا". ورأى عمر أخوه زيدًا، فقال له عمر:" زيد أخي. سبقتني بالإسلام". فرد زيد:"ما كنت لأستأذنك فلقد كنت جبارًا. فرد عمر"ولن تجدني في الإسلام خوارا، وإني أشهد الله ورسوله وأشهدكم أني لا أترك موقفا آذيت فيه مسلمًا إلا وقفت فيه مدافعًا عن الإسلام، لأستدرك على نفسي ما سبقتموني إليه". وذهب عمر صوب بيوت كبار قريش ليعلمهم أنه أسلم وأصبح على دين محمد، وخرج في وسط مكة ونادى بأعلى صوته:" أيها الناس أعلموا أني أسلمت وشهدت ألا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله". ورآه القوم، فأرادو أن يُغيروا عليه إلا أن أحد كبار بني سهم، منعهم منه، وقال له : لما لم تكتم دينك" فقال عمر :"لا أكتم الحق وقد وعلمته، ولأفرقن بين الحق والباطل، كما فرق الله بين الليل والنهار". وراح عمر، يدعو بني عدي "قومه"، وأنه كما كان ينهاهم عن الإيمان بمحمد. يدعوهم الآن للإيمان به. وأن من أذاه منهم، فهو مستعد ويفتح صدره كي يقتص منه. لكن القوم سامحوه وعفوا عنه". وذهب عمر للنبي وقال له:"يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا أو حيينا، ففيما الاختفاء، والذي بعثك بالحق لتخرجن ونصلي عند بيت الله الحرام، ولنغيظن أعداء الله، حتي ييأسوا من باطلهم ويسكتوا عنا". وخرج المسلمون في صفين يتقدمهما حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب، وراحوا ينطقون بالشهادة ويسيرون في شوارع مكة. وهمَّ أبو الحكم ليقترب منهم، لكن أبو سفيان استوقفه، قائلا له:"صفان فيهما عمر وحمزة. لا ينبغي أن يقترب منهما حكيم ولا سليط". وتغيرت مكة بإسلام عمر، فراح يدعو الكثير للدخول في الدين، ودخل الكثير من الضعفاء، كما عاد بعض من هاجروا إلى الحبشة إلى مكة. فيما قررت قريش أن تأخذ فيما يشبه الهدنة من محمد وأصحابه "لعلنا نبلغ بالرفق ما لم نبلغ العنف". ودار حوار ختامي للحلقة بين عمر وبعض كفار قريش، الذين طلبوا بعض الآيات من محمد، فقال لهم ولو جاءكم بها، هل تؤمنون، فلم يردوا، فقال عمر لا والله لا تؤمنون. وأحذركم من أن الله إذا أنزل الآيات لقوم ولم يؤمنوا بعدها فإن عذابه يحل بهم، كما حدث مع قوم عاد وثمود.