من بين 16 سباقا تضمها منافسات السباحة على مستوى الرجال فى دورة الألعاب الأولمبية «لندن 2012»، يشارك السباحان الأمريكيان مايكل فيلبس وريان لوكتى فى كل السباقات باستثناء أربعة فقط.. «إنه عرضهما»، لا أحد يتحدث عمن سيحرز المركز الثانى أو الثالث أو الرابع بهذه السباقات، فمحور اهتمام هذه الألعاب الأولمبية سيكون هذين السباحين. تتمتع الألعاب الأولمبية بأجواء خاصة؛ فمسابقات السباحة الدولية تمتد لأربعة أو خمسة أيام كحد أقصى، لكنها تمتد لثمانية أيام فى الدورات الأولمبية.. ثمانية أيام سيقوم عشرة آلاف رياضى خلالها بتناول طعامهم والتجول والتسكع سويا. إنه حدث مزعج، ومع مضى الألعاب قدما ينتهى المزيد من اللاعبين من مسابقاتهم؛ لأنهم لا يشاركون سوى فى مسابقة أو سباق واحد، فيصبح الأمر أكثر فوضوية وإزعاجا. وإذا كنت لاعبا لم يسبق له المشاركة فى الأولمبياد من قبل، سيظل باقى اللاعبين يتحدثون إليك عمّا يمكن أن تتوقعه حتى يتحول وجهك للون الأزرق، لكن المهم هو كيف سيكون رد فعلك على هذا الأمر. لا شك أن مايكل فيلبس وريان لوكتى يتمتعان بخبرة كبيرة فى إمكانية فهم هذا الأمر. فى الوقت نفسه، تشارك السباحة الأمريكية الشابة ميسى فرانكلين -17 عاما- فى 7 سباقات أولمبية، وهو أمر مثير للاهتمام حقا. لا أعتقد أنها مرشحة لإحراز 7 ميداليات ذهبية، لكنها مرشحة ربما لإحراز سبع ميداليات متنوعة. وهذا شىء مهم فى حد ذاته. وربما يعنى صغر سنها أنها لن تفكر فى كل شىء، أما كونها بكرا من الناحية الأولمبية، بمعنى أنها لم تفعل ذلك من قبل، فربما يكون هذا الشىء مصدر عون لها، لكن بما أنها تجربتها الأولى فى الألعاب الأولمبية فمن المستحيل أن تفهم كل ما سيلقى فى طريقها الذى قد يكون أحجار عثرة. ويبدو شبه مؤكد أن يصبح فيلبس، خلال أولمبياد لندن، هو اللاعب الرياضى الأكثر تتويجا بالميداليات الأولمبية فى التاريخ؛ حيث يتوقع أن يتجاوز رصيد ميداليات لاعبة الجمباز السوفيتية السابقة لاريسا لاتينينا البالغ 18 ميدالية أحرزتها فيما بين خمسينات وستينات القرن الماضى. وهذ أقل إنجاز يمكن أن يتطلع إليه مايكل. فبإحرازه ميداليتين أخريين سيعادل هذا الرقم، وبإحرازه ثلاث ميداليات فقط سيتجاوزه. هذا هو المفترض. كما أنه يشارك فى ثلاثة سباقات تتابع.. وما لم يتم إلغاء سباقات التتابع الأمريكية أو نتائجها، فسيحصل فيلبس على عدد الميداليات الذى يحتاجه. بل إنه يستطيع التفوق على رقم لاتينينا القياسى بفارق خمس ميداليات برصيد 23 ميدالية. ولكن من يعد مع مايكل فيلبس؟ إن مسألة العدد (الميداليات) هذه تتعلق برحلة البطل الرياضى ومشواره المهنى وطول المدة التى يمكنه أن يحافظ خلالها على قدرته على المنافسة فى الدورات الأولمبية المختلفة، لكن على سبيل المثال، إذا كنت لاعب كرة سلة وشاركت فى خمس دورات أولمبية فأقصى رصيد من الميداليات الذهبية الذى يمكنك تحقيقه هو خمس ذهبيات.. هناك بعض الرياضات المحدودة فى هذا الصدد. فهل ينتقص هذا الأمر من عظمة لاتينينا وفيلبس؟ بالتأكيد لا. لطالما تم قياس العظمة فى السباحة بتحطيم الأزمنة القياسية، لكنهم عليهم الآن البحث عن مقياس آخر للعظمة فى هذه الرياضة؛ لأنه لو توقف الأمر عند تحطيم الأزمنة القياسية العالمية فهذا لن يحدث فى هذه الألعاب، إلا فى حالة إعادة حالات السباحة ذات التكنولوجيا العالية، وهذا ما لا أراه يحدث. أما الآن فيجب تحديد المؤشر الجديد على عظمة السباحين. وإن كنت واثقا مع ذلك من تحطيم بضعة أزمنة قياسية فى لندن، فالأجواء وحدها فى قمة الزخم بما يساعد على تحقيق مثل هذا الأمر، لكن الإثارة الحقيقية ستكون بمكان آخر. فأول السباقات التى ستجمع بين فيلبس ولوكتى سيكون سباق ال400 متر فردى متنوع للرجال اليوم السبت، ومن المرجح أن يكون لهذا السباق تأثير كبير على ما سيحدث لاحقا فى هذه الألعاب لكلا السباحين. أعتقد أن فيلبس سيفوز بهذا السباق، علىّ أن أراهن على خبرته.. فقد فاز بميداليات أكثر من أى سباح آخر، خاصة سباقات أكثر من أى سباح آخر، كما أنه يتمتع بخبرة أكبر فى التعامل مع الضغوط التى قد يتعرض لها عندما يكون العالم كله يراقبه. ومن أجل هذه الأسباب وحدها فإننى أعتبره أقرب قليلا إلى الفوز. لكننى سيكون لدىّ كلام أكثر بكثير لأقوله عنه لو لم يفز، باعتبار هذا الاحتمال المقابل، حسنا إنه مجرد يوم عمل آخر بالنسبة لمايكل.