إن الصلاحيات التى سيضمنها الدستور الجديد لرئيس الجمهورية فى مقابل البرلمان ستكون هى المحك الرئيسى للبدء فى مواجهة مختلف التحديات التى تعوق استقرار مصر وتقدمها. بعد إتمام انتخاب الرئيس سيكون هناك أربعة سيناريوهات متوقعة عند تحديد صلاحيات مؤسسة الرئاسة والمؤسسة التشريعية فى الدستور الجديد، وما يترتب على تلك الصلاحيات من علاقة بين المؤسستين. فالعلاقة بينهما يمكن أن تؤدى إلى استقرار نسبى فى الدولة أو إلى أزمة مُعطِّلة تمنع أياً من مؤسسات الدولة من مباشرة مسئولياتها، بما يقود الدولة إلى حالة من الشلل السياسى لحين التوافق بين تلك المؤسسات، وأخيراً طبيعة العلاقة المتوقعة بين رئيس الجمهورية والحكومة. تتضمن تلك السيناريوهات الاحتمالات التالية: صلاحيات مُرضية أن يكون لرئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة محل قبول من الرئيس المنتخب ومن البرلمان، وهو ما يتضمن فى الأغلب تبنى نظام رئاسى للدولة أو نظام مختلط (شبه رئاسى)، بما يتيح لرئيس الجمهورية قدراً من الحرية فى اتخاذ القرارات دون الرجوع إلى البرلمان فى كافة التفاصيل. وفى هذه الحالة، من المتوقع أن يتم مباشرة العمل فى الملفات السياسية والتنموية بقدر عالٍ من التنسيق بين مؤسستى الرئاسة والبرلمان، وخصوصاً فى حالة عدم وجود اختلافات بين شخص الرئيس والأغلبية البرلمانية. صلاحيات منقوصة أن يكون لرئيس الجمهورية صلاحيات غير كاملة، من خلال إقرار نظام مختلط (شبه برلمانى) يضمن للبرلمان صلاحيات أكبر من صلاحيات الرئيس. وقبول رئيس الجمهورية لتلك الصلاحيات المنقوصة فى سبيل التعاون مع البرلمان من أجل تحقيق استقرار الدولة. وفى هذه الحالة، من المتوقع أن يتعاون رئيس الجمهورية مع البرلمان بشكل كامل بصرف النظر عن الاختلافات الأيديولوجية مع حزب الأغلبية إن وجدت. الصدام بين مؤسستى الرئاسة والبرلمان يمكن أن يحدث الصدام بين مؤسستى الرئاسة والبرلمان فى أكثر من حالة، الأولى؛ تتمثل فى عدم قبول أى من المؤسستين الصلاحيات المكفولة لهما وفقاً للدستور الجديد. وفى الثانية؛ تأتى نتيجة لاختلاف المرجعية أو التوجهات السياسية بينهما. أما الثالثة؛ فيكون الاختلاف حول بعض القوانين أو معالجة بعض القضايا واستخدام كل من الرئيس والبرلمان للصلاحيات المخولة لكل منهما فى معارضة الآخر، وهى وإن كانت اختلافات طبيعية فى كافة النظم السياسية على مستوى العالم، إلا أن حالة السيولة السياسية التى تعانى منها مصر قد تهدد بتضخم الأمر بشكل خطير مما يفسد التجربة الديمقراطية الجديدة ويخلق حالة شلل سياسى بين المؤسسات، ويعطل كافة الملفات الاقتصادية والتنموية الأخرى. الصدام بين الرئيس والحكومة يمكن أن تحدث تلك الأزمة فى حالة تطبيق نظام سياسى شبه برلمانى، وهو ما يتطلب تكوين الحكومة برئاسة حزب الأغلبية البرلمانية، خاصة فى حالة انتخاب رئيس ليس على وفاق مع الأغلبية التى ستشكل الحكومة.