كولر يستقر على حارس الأهلي في نهائي كأس السوبر المصري    بعد وفاته.. كل ما تريد معرفته عن فتح الله غولن بعد وفاته عن 83 عامًا    إحالة مسئولي مدرسة نجع معين الابتدائية المشتركة بقنا للتحقيق    تجديد عضوية وزارة التربية والتعليم في مركز "اليونسكو– يونيفوك" حتى 2027    وزير الزراعة يكلف الدكتور أحمد حسن بالعمل معاونا له    قائد القوات البحرية يكشف عن ثوابت ضرورية يجب معرفتها أثناء الحروب    كيفية الاشتراك في برامج تعزيز اللياقة البدنية بالمحافظات؟.. تفاصيل مهمة    الخريف يكشر عن أنيابه... تحذير من الرياح المثيرة للرمال والأتربة على المناطق المكشوفة.. ارتفاع الأمواج يصل 3.5 متر على البحرين الأبيض والأحمر.. وأمطار خفيفة على السواحل الشمالية    حاول إنقاذ شقيقته فماتوا سويا، شاهد عيان يكشف تفاصيل دهس قطار العياط ل"مصطفى وحنان"    مكتبة الإسكندرية تفتتح معرض "كنوز تابوزيريس ماجنا"    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تخطط لتهجير سكان جباليا بشكل ممنهج    سيدة تشكو حرمانها من الميراث.. وأمين الفتوى يُوجه رسالة قوية    هل صلاة الشروق ركعتان فقط؟.. الدليل من السنة النبوية    هيئة سكك حديد مصر.. مواعيد القطارات بين «القاهرة - الاقصر»    "إير فرانس" تمدد تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت    حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    تصنيف الاسكواش.. علي فرج يحافظ على الصدارة ومصطفى عسل وصيفًا    الزمالك يفوز على المقاولون العرب في دوري السيدات    محافظ الوادي الجديد يتابع أعمال رفع كفاءة الطرق الداخلية بالخارجة    الجامع الأزهر يستقبل رئيس دائرة الثقافة بأبو ظبي.. صور    ندوة بعنوان "أسرة مستقرة تساوى مجتمع أمن" بجامعة عين شمس.. الأربعاء المقبل    إبراهيم دياز يشارك فى مران ريال مدريد الأخير قبل قمة بوروسيا دورتموند    مفتى الجمهورية يستقبل مدير مركز التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا    عبدالرحيم علي: قراءة ما يدور في رأس نتنياهو يجعلنا نفهم طبيعة الصراع الحالي    بينها السرطان.. أبراج على موعد مع جلب الأموال.. فيديو    حلقات مصورة عن ما حققه على مدار سنوات.. فاروق حسني حامي الثقافة والتراث |تقرير    ضمن أنشطة "بداية".. الثقافة تنظم قافلة لاكتشاف مواهب المدارس بالمنيا    لابيد لسفير الاتحاد الأوروبي: حظر الأسلحة على إسرائيل "لا يغتفر"    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    الشقة تبدأ من 184 ألف جنيه.. مفاجأة سارة من الإسكان للمواطنين| طرح جديد    رد مفحم من الشيخ رمضان عبد المعز على منكري وجود الله.. فيديو    النشرة الدينية|7 أعمال ترفع البلاء وتبارك في الأموال..25 مفتاحًا عظيمًا للتفريج عنك في الحال    خالد عبدالغفار: الاعتماد على البيانات الفورية لضمان مرونة الاستراتيجية الوطنية للصحة    مشاركة صحة البحيرة في المؤتمر الدولي الثاني للصحة والسكان والتنمية البشرية    ماذا يحدث لجسمك عند الإفراط في تناول المكملات الغذائية؟    استشارية صحة: النسخة الثانية من مؤتمر للسكان تمثل الإطلاق الحقيقي ل"بداية"    منها «قاسم والمكنسة».. أشهر نوات تضرب الإسكندرية فى 2024    إصدار مشروع إنشاء مدرسة الرعاية المجتمعية المتخصصة بقنا    بالصور.. "مؤتمر الجمعيات الأهلية" يُكرم رائدات الأعمال بالجيزة    ظاهرة سماوية بديعة.. زخات شهب "الأوريونيد" الليلة    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم أتوبيس وسيارة على كورنيش الإسكندرية    مصطفى شلبي وعماد دونجا أمام نيابة أبو ظبي بتهمة الاعتداء على فرد أمن    "هيئة البث الإسرائيلية" نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين: لا يمكن أن تكون "اليونيفيل" القوة الوحيدة جنوبي لبنان    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    الحكومة تكشف حقيقة خفض "كوتة" استيراد السيارات بنسبة 20%    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    سيطرة مصرية على المشاركة في تحدي القراءة العربي.. وجوائز العام 11 مليون درهم    الصحة: 50% من الأفراد يستفيدون من المحتوى الصحي عبر الدراما    نظر معارضة إسلام البحيري على الأحكام الصادرة ضده.. بعد قليل    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    أهلي جدة في مهمة صعبة أمام الريان بدوري أبطال آسيا    إيهاب الخطيب: الأسهل للأهلي مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء عامل حياته شنقا من مسكنه في المنيرة الغربية    بالفيديو.. استشاري جهاز هضمي: الدولة نجحت في القضاء على فيروس سي بأياد مصرية    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    تعليق مثير للجدل من نجم الأهلي السابق بعد تأهل الأحمر لنهائي كأس السوبر المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا ننتج ديكتاتوراً جديداً (2-2)
نشر في الوطن يوم 07 - 09 - 2013

نحلم هذه الأيام بأن تكون «لجنة الخمسين» المرموقة فى مستوى التحدى الذى تمثله تلك اللحظة الفارقة التى يجب أن تلتقى فيها إرادة كل المصريين حول هدف واحد لكتابة صفحة جديدة فى تاريخ مصر، تكون فيها «السيادة» للشعب.
لقد عانى شعب مصر لقرون طويلة من افتقاد القدرة على أن يفكر لنفسه؛ حيث كان الحكام وفقهاء السلطان هم فقط الذين يفكرون ويريدون ويختارون، أما طبقات الشعب، فكانت مثل القطيع لا تفكر ولا تريد ولا تختار. وعندما أراد الشعب أن يخرج من هذه الحالة من القصور، لكى يصبح أفراده مواطنين كاملى الأهلية، خرج فى ثورة يناير، وعندما وقعت هذه الثورة فى كبوة، خرج فى موجة ثورية أخرى فى 30 يونيو.
ولن تنجح «لجنة الخمسين» فى مهمتها إذا لم تستطع تأكيد أن «السيادة» يملكها الشعب وحده، ولا يكفى أن تنص على ذلك فى مادة، ثم تسحبها فى المواد الأخرى على طريقة الدساتير السابقة، بل يجب أن تأتى كل المواد معبرة عن ذلك ظاهراً وباطناً دون تلاعب ولعب بالألفاظ لتفريغ الدستور من مضمونه.
وأنا أنزه هذه اللجنة المرموقة عن السير على درب اللجان السابقة فى تاريخنا، والتى وضعت كل الدساتير المؤسِسة للديكتاتورية، حتى إن غُلفت بالديمقراطية وزُينت بشعارات الحرية والحقوق الصورية، واللعبة أصبحت محفوظة.. ارفع شعار الديمقراطية، ثم ضع مواد تؤسس لطغيان فرد أو جماعة، وممكن أن تعدل فى مواده ما تشاء من أجل التوريث لفرد أو لجماعة!
ومن هنا، ومن أجل ضمان عدم إنتاج ديكتاتور جديد؛ لا بد أن يهيمن على «الدستور الحلم» أن المواطنين هم مصدر السلطة والسيادة والشرعية ولهم حقوق كاملة وشخصية مستقلة، يختارون الحكام ويحددون شكل الدولة التى يعيشون فيها ويضعون للحاكم النظام الذى يسير عليه.
ولا يمكن أن يحدث هذا دون أن يتحول المصرى فى الدستور من موجود من أجل الحاكم إلى موجود من أجل الوطن، ويتحول «الوطن» من وسيلة إلى غاية، ويتحول الحاكم من غاية إلى وسيلة، من صانع للأوامر والحاكم بأمره أو بأمر الله، إلى الحاكم بأمر الشعب، والشعب هو مصدر السلطة يمنحها ويمنعها؛ والإرادة الكلية للشعب هى التى تأمر وتفوض.
ومن ثم ينقلب منطق العبد والسيد فى كل الدساتير السابقة، ويتحول الحاكم المطلق الدائم المهيمن إلى حاكم نسبى يأتى ويذهب، ويُعين ويُخلع، ويتحول المواطن إلى مطلق.. إن حكم بصوته فى الصناديق أو بأقدامه فى الميادين فقد صار حكمه واجب النفاذ!
وهذا الأمل ليس أسطورة؛ فقد حققته دساتير محترمة لم يتدخل فيها «ترزية التشريع»! مثلما حدث فى دساتيرنا السابقة، كما أكده فلاسفة عظام تحولت أفكارهم إلى واقع فى بلادهم منذ أمد بعيد، ويحضرنى هنا «جان جاك روسو» ملهم الثورة الفرنسية الذى يرى أن السلطة التى يكتسبها الحاكم تكون نتيجة العقد الاجتماعى بين كل الأطراف، وهذا العقد ليس عقد إذعان، بل عقد يظل الشعب فيه هو أساس شرعية النظام السياسى وهو مصدر السلطة وهو أيضاً الممارس لها وفق الآليات الديمقراطية.
وعندنا فى مصر فهم البعض خطأ أن انتخابه رئيساً معناه أنه أصبح الحاكم المطلق، وعلى الجميع أن يطيعوه؛ أليس هو رئيساً منتخباً! فالرئيس المنتخب عنده هو وحده صاحب السيادة والشرعية، يحكم ويشرع، ويعطى ويمنع، ويحرك الجيوش، ويتسلط على القضاء! وهذه ليست سمة تخص رئيس الجمهورية المنتخب فقط، بل هى سمة الكثير من المنتخبين فى أحزاب بلدنا المحروس! فانتخابهم يعنى عندهم شرعية التسلط والتحكم فى العباد! فالوطن أو الحزب مثل «السمكة» يمسكها من رأسها ثم ينفضها أعلى وأسفل وشمالاً ويميناً، ثم يضربها أرضاً ما شاء! أليس هو الرئيس الشرعى!
والأصل الفلسفى لهذه الحالة من الغباء الديمقراطى نجده عند الفيلسوف الإنجليزى هوبز فيلسوف الاستبداد بامتياز، والذى ذهب إلى أن الفرد ينقل حريته كلها إلى شخص آخر (أو مجموعة)، وهنا يتحول إلى فرد من الرعية خاضع لحاكم، يكون صاحب السيادة Sovereign The، أى صاحب سلطة مطلقة وشاملة ودائمة، وتشمل حق اتخاذ أى قرار سواء كان سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو قانونياً، مثل: حقّ وضع القوانين، وحقّ إعلان الحرب والسلام، وحقّ إقرار وسائل السلم والدفاع، وحقّ إقرار الآراء والعقائد التى على الرعايا أن يعتنقوها، وحقّ المحاكمة، وحقّ الثواب والعقاب، وحقّ انتقاء جميع المستشارين والوزراء والإداريين والموظفين، فالحاكم هو صاحب السيادة، ويجمع فى يده كل السلطات، فهى كلية لا تتجزأ ولا تنتقل ولا تُسحب!
وهنا يلتقى «هوبز» مع «ميكيافللى» حبيب المستبدين، فى رفض الإرادة الشعبية، كما يلتقى معه فى الانحياز الكامل للحاكم.
ولذا، يجب أن توضح «لجنة الخمسين» -التى نضع عليها آمالاً كبيرة- أن الحاكم ومن معه من القائمين على السلطة التنفيذية هم مجرد «موظفين Officers» عند الشعب، والشعب يقدر أن يعينهم وأن يعزلهم طالما لم يلتزموا ببنود العقد. وهذا ما ذهب من قبل «جون لوك»، ملهم الدستور الأمريكى عندما أعطى المواطنين الحق فى عزل الحكومة إذا ما تجاوزت وظيفتها بمقتضى العقد الاجتماعى، فلهم كلّ الحق فى عصيانها وإسقاطها.
كما على «لجنة الخمسين» أن توضح الدستور أن علاقة المواطنين مع بعضهم بعضاً ليست رأسية من أعلى إلى أسفل بين حاكم ومحكوم، بل هى علاقة أفقية بين الجميع.
إن الدستور هو أساس شرعية النظام السياسى، وهو منشأ الحكومة بوصفها شرطاً لانتظام المجتمع، والدستور هو نص العقد بين المواطنين؛ وهو المعبر عن إرادة الشعب؛ فالإرادة العامة للمواطنين هى مصدر العقد الأصلى وهى أيضاً نتيجة له، ولذا فهى صاحبة السيادة وليس الحاكم.
ومن هنا يكون المواطن هو أساس الدستور، ويكون الوطن هو غايته، فالحاكم من أجل الوطن، وليس الوطن من أجل الحاكم.
هذه هى الأمانة التى تحملها «لجنة الخمسين»، وهذا هو الأمل السياسى الذى يتطلع إليه الوعى المصرى فى الدستور الجديد، والذى سوف يتغير بعده تاريخ العرب، مثلما تغير تاريخ أوروبا بعد تغير تاريخ فرنسا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.