التقى المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا، الخميس، على حدة كلا من الوفد الحكومي السوري برئاسة بشار الجعفري، ووفد هيئة التفاوض برئاسة نصر الحريري، في إطار جولة جديدة من مفاوضات تستمر يومين في فيينا برعاية الأممالمتحدة، وقبل أيام من انعقاد محادثات أخرى في روسيا. واستمر اجتماع المبعوث الخاص مع الوفد الحكومي نحو ساعتين من دون أن ترشح أي معلومات عنه، كما لم يدل رئيس الوفد بأي تصريح لدى وصوله. وأكد المتحدث باسم الهيئة يحيى العريضي، لدى وصوله مقر الأممالمتحدة تمسك المعارضة بالقرار 2254، واصفا الجولة بأنها "أمتحان حقيقي لالتزام جميع الأطراف بتطبيق القرار الدولي". وأوضح أنه "شيء أساسي بالنسبة لنا لإننا نريد سورية ديمقراطية حرة لكل اهلها وان يعودوا اليها امنين". وتأتي الجولة التاسعة من المحادثات "في مرحلة حرجة"، بعد نحو شهر من فشل جولة محادثات سابقة في جنيف في إحراز أي تقدم لحل للنزاع المستمر في البلاد منذ نحو سبع سنوات. وكان دي ميستورا أعلن الأربعاء، أن المحادثات تأتي في "مرحلة حرجة جدا"، مضيفا "بالطبع أنا متفائل لأنه لا يسعني أن أكون غير ذلك في مثل هذه اللحظات"، مضيفا "انها مرحلة حرجة جدا جدا". وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، صرح أمس الأربعاء، أن المحادثات ستشكل "الفرصة الأخيرة" لإيجاد حل سياسي للنزاع الذي تشهده سوريا منذ 2011. وتتزامن المحادثات مع عمليات عسكرية واسعة في عدد من المناطق في سوريا حيث تشن تركيا من جهة هجوما على مدينة عفرين التي يسيطر عليها الاكراد بينما تشن القوات الحكومية هجوما في محافظة أدلب "شمال غرب" والغوطة الشرقية المتاخمة للعاصمة. - "اختبار حقيقي" يعقب المحادثات التي ستجري الخميس والجمعة في فيينا، مؤتمر سلام يعقد في منتجع سوتشي البحري الروسي في 29 و30 يناير بمبادرة من روسيا وإيران حليفتي النظام السوري وتركيا التي تدعم المعارضة. وتؤكد موسكو ان اجتماع سوتشي لا يشكل مبادرة منافسة لتلك التي ترعاها الأممالمتحدة. وأعلنت موسكو الخميس أنها دعت 1600 شخص للمشاركة في مؤتمر سوتشي الذي يهدف الى الاتفاق على دستور لفترة ما بعد الحرب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا "لقد تم توجيه دعوات ويجري توزيعها لمشاركين سوريين وسيتلقى 1600 شخص دعوات". كما سيشارك مراقبون دوليون من الاممالمتحدة في المؤتمر كما أوضحت زاخاروفا في تعليقات اوردتها وكالات انباء روسية. وسيحضر المؤتمر المرتقب في 30 يناير، ايضا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. ولم تحسم هيئة التفاوض المعارضة بعد موقفها النهائي حيال المشاركة في مؤتمر سوتشي الذي تخشى أن يكون التفافا على مسار جنيف برعاية الأممالمتحدة. وقد ربطت مشاركتها بنتائج المحادثات التي ستجري في فيننا. واعلن أربعون فصيلاً معارضاً الشهر الماضي رفضهم المشاركة في هذا المؤتمر، فيما رحبت دمشق بانعقاده. وكان الحريري صرح مساء الاربعاء عشية بدء محادثات فيينا "ان هذين اليومين سيكونان اختبارا حقيقيا، لجدية كل الاطراف لايجاد حل سياسي". وذكر المحلل في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز دانسي ان "المعارضة متشككة جدا بشأن النوايا الروسية، وفي الوقت نفسه يعرفون أن الروس هم الفاعلون الرئيسيون، والفاعل الوحيد الذي يمكنه ان يدفع المسار بشكل ايجابي في اتجاههم". كما اعتبر مصدر دبلوماسي غربي فضل عدم الكشف عن اسمه لفرانس برس ان "الاجتماع في فيينا هو الوقت المناسب لاختبار قدرة الروس على اقناع النظام الالتزام بتعهداته". وأوضح المصدر "لقد حان الوقت كي تاخذ روسيا زمام الامور اذا كانت تريد انقاذ مؤتمر سوتشي من مقاطعة المعارضة". واضاف "لقد صرحت روسيا ان الحكومة السورية وافقت على التزامها بتنفيذ القرار 2254 لكننا لم نسمع قط ان النظام صرح ذلك بنفسه" مشيرا الى ان "هذا ما تنتظره المعارضة". واشار الى "اننا ننتظر شيئا اكثر جوهرية، لا شي يدعو المعارضة للذهاب الى سوتشي ما لم تحصل روسيا على التزامات من دمشق" لافتا الى ان "الروس لا يفتقدون الى الحيلة". ولم تثمر الجهود الدولية حتى الآن في تحقيق أي تقدم على طريق الحل السياسي للنزاع السوري الذي ادى الى مقتل أكثر من 340 الف شخص. وفي ثماني جولات مفاوضات في جنيف، اصطدم النقاش بالخلاف حول مصير الرئيس بشار الاسد، وهو بند اشترط الوفد الحكومي في الجولة الأخيرة الشهر الماضي سحبه من التداول لتحقيق تقدم في المفاوضات. وتطالب الأممالمتحدة طرفي النزاع بعدم فرض أي شروط مسبقة لضمان احراز تقدم فعلي. واوضح العريضي لفرانس برس "هناك استحقاق تسعى موسكو الى القيام به ولا اعتقد اطلاقا أن سوتشي يمكن ان يصادر جنيف اذا كان هناك بحث حقيقي عن حل في سوريا". واشار الى ان "الاممالمتحدة تريد ان يكون مسار جنيف المسار الاساسي لايجاد حل. وبحسب كلام الروس فان أي امر ايجابي يصدر من سوتشي يجب ان يصب في جنيف من أجل ايجاد الحل، والا سيكون مفرغاً من مضمونه". واوضح العريضي ان مؤتمر "سوتشي يتناول نقطة واحدة تتعلق بالدستور، في حين أن القرار الدولي 2254 لا يتحدث عن الدستور فقط، بل يتحدث عن ايجاد بيئة آمنة وموضوعية ومناسبة لإجراء انتخابات، ولا يكون ذلك الا بايجاد جسم سياسي يشرف على هذه الامور برعاية الأممالمتحدة". وكانت الجولات السابقة من المحادثات المتعلقة بسوريا فشلت في تحقيق أي تقدّم، مع رفض الجانبين اجراء محادثات مباشرة. من جهته، استبعد فراس مقداد من المعهد الاميركي "اي اتش اس" تحقيق تقدّم في الجولة من المحادثات.