فى مجتمعنا والمجتمعات الشرقية بصفة عامة تتعمد بعض السيدات إخفاء أعمارهن الحقيقية، فيتجهن إلى ابتكار أعمار أصغر من أعمارهن الحقيقية. ولكن قبل أن نتهم هؤلاء السيدات بالتصابى وبسوء التصرف يجب أن نتأمل الأسباب التى دفعتهن إلى ذلك، فربما يعود إخفاء هذه الحقيقة القاسية كما يعتقدن إلى عدة أسباب؛ أولها: هذا السبب الذى تعانى منه الكثير من البنات اللاتى تجاوزن الثلاثين من أعمارهن، فالسبب هو هذا الاعتقاد الخاطئ، هذا (البعبع) المخيف، الذى يداهم جميع فتيات هذه السن، هذه الفكرة السخيفة، ألا وهى «العنوسة»؛ فالفتاة قبل الثلاثين دائما ما تنتظر يوم عيد ميلادها لتحتفل بتقدم عمرها سنة أخرى وتواصل نضوجها ونمو فكرها ووعيها. ولكن فى عيدها الثلاثين تشعر بحزن شديد وفقدان الرغبة فى الاستمتاع بنضوجها وتتأمل حياتها بيأس لأنها لم تتزوج بعد، فلهذا فهى تحاول إخفاء هذا الرقم المشئوم من وجهة نظرها. وربما تكون تلك السيدة التى تحاول إخفاء عمرها الحقيقى لم تستمتع بمرحلة شبابها، ولم تخض تجارب هذه المرحلة سواء تجاربها المحزنة أو المفرحة؛ فلذلك عندما تشعر بكبر سنها ويشعرها بذلك من حولها، تحاول الهروب من الواقع وتواصل عيش فترة شبابها بطريقتها الخاصة سواء بارتداء ملابس شبابية أو وضع (الماكياج) أو التصرف كالفتيات الصغيرات. بالإضافة إلى ذلك، فقدان الجسم للحيوية والنضارة والجمال مع تقدم السن مما يؤدى إلى فقدانها ثقتها بنفسها؛ فتحاول استعادة هذا الكنز الضائع بالتصابى. لا يمكن ألا نعير اهتماما لتلك المرحلة العمرية المخيفة والمربكة لكل سيدة كانت ترغب فى أن يستمر جمالها ونضرتها وشبابها، وهى ما تدعى ب«سن اليأس»، وما يحدث للمرأة من تغيرات جسدية ونفسية، تشعرها بفقدانها الرغبة فى الحياة. ولكننى أعتقد أن هذا المصطلح خاطئ فلا يجب أن تسمى هذه المرحلة بهذا الاسم المخيف، وهل يعنى أنه عندما تصل المرأة إلى هذه السن يجب أن تفقد الأمل فى حياتها وتتعامل وتعامل وكأنها منتج منتهى الصلاحية؟! ففى النهاية، كونى أعيش فى أحد المجتمعات ذات العادات الشرقية الصميمة، أتعاطف مع من تخفى سنها لما تعانيه من ضغوط نفسية، ولكنى أدعوها إلى أن ترضى بما قدره لها الله -عز وجل- ولنحاول معا تغيير بعض الأفكار الخاطئة ونصلحها ونعدلها.