وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية الخطوة المفاجئة التي اتخذها رئيس الوزراء الإسرائيلي- بنيامين نتنياهو- بإلغاء الانتخابات، وتشكيل حكومة وحدة بأنها خطوة مذهلة، تعد بمثابة استجابة جزئية للمطالب المتشددة من قبل مستوطني اليمين المتطرف في الضفة الغربية القادمة من داخل حزبه. وأضافت الصحيفة البريطانية- في تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني- "لقد أصبح وجود المستوطنين في الحزب الإسرائيلي المهيمن "الليكود"، أمرا مزعجا، وذلك نظرا لسعيهم إلى قيادة الحكومة وسياسة الحزب بطريقة تتماشى مع معتقداتهم. واستطردت الصحيفة، أن تزايد حدة وجودهم في الحزب ساعد على دفع نتنياهو إلى إلغاء الإنتخابات وتقديم موعدها إلى الرابع من سبتمبر المقبل، فضلا عن الانخراط مع حزب كاديما في ائتلاف موسع، وافق عليه الكنيست الإسرائيلي. ولفتت الصحيفة إلى أن نشطاء من المستوطنات في الضفة الغربية دعموا خطوة اتفاقية الليكود التي تم اتخاذها يوم الأحد الماضى، مطالبين بعمل اقتراع سري لاختيار رئيس للحكومة الجديدة، رافضين لسيطرة نتنياهو على الإجراءات. ونقلت الجارديان عن آري شافيت- الكاتب في صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، قوله بأن التعطيل من قبل اليمين المتطرف في هذا الحدث المركزي في الحزب الحاكم، جعل رئيس الوزراء يدرك ما كان يجب أن يفهمه منذ زمن بعيد، وهو أن الليكود فقد صوابه. وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إنه من داخل حزب الليكود، اكتسب المستوطنون المتشددون المزيد من القوة لعدة سنوات، لكنهم سجلوا انتصارات كبيرة في وقت سابق من هذا العام، حيث أنه في الوقت نفسه الذي تم فيه انتخاب لجنة الحزب المركزية، وزعيمهم موشيه فايغلين الذي فاز بنحو 25% من الأصوات في تحد لنتنياهو لرئاسة الحزب، فإن حوالي 130 ألف من أعضاء الليكود المسجلين بنسبة 7%، يعشيون في مستوطنات الضفة الغربية. وقد نفى فايغلين - الذي انضم لحزب الليكود قبل 12 عاما - أنه يحاول الاستيلاء على قيادة حزب الليكود، قائلا في تصريح خاص للصحيفة "أنا لا أعرف ماذا يعنيه الاستيلاء"، مضيفا "إن الديمقراطية تعني أن كل شخص يمكن أن يطرح أفكارا بديلة. وأشار إلى أنه كان عضوا في حزب الليكود لسنوات عديدة وأنه لا يحاول الاستيلاء على شئ ليس ملكا له، أما الليكود فهو ينتمى له، تماما كما هو الحال لأى عضو آخر في الحزب. وفي إشارة واضحة للنفوذ المتنامى لهذه المجموعة، توافد وزراء في الحكومة وشخصيات حزبية بارزة في الآونة الأخيرة إلى مستوطنة "أولبانا" في الضفة الغربية، والتي تم إعطاء الأمر من قبل المحكمة العليا بهدمها؛ نظرا لأنها بنيت على أراض فلسطينية خاصة، لإظهار التضامن مع حركة المستوطنين. وقالت "الجارديان" إن فايغلين الذي كان ينظر إليه باعتباره منبوذا سياسيا، أصبح الآن وسيطا للسلطة، لافتة إلى أن الضغط من قبل سياسات هذا الفصيل من المستوطنين المتشددين تتمحور حول إنشاء الدولة اليهودية من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يعني بالنسبة لإسرائيل ضم الضفة الغربية وغزة، وتشجيع الفلسطينيين أو العرب- في مصطلحات فايغلين- على مغادرة البلاد. وأوضحت الصحيفة أن العرب في الضفة الغربية ليس لديهم جنسية بصرف النظر عن كونهم جزءا من الأمة العربية الكبرى، يمكنهم البقاء في "الضفة الغربية"، بحقوق لن يحصلوا عليها فى أي مكان آخر في العالم العربي، طالما أنهم يقبلوا سيادة اسرائيل. وتابعت الصحيفة، أنه سيصبح لديهم حقوق الإنسان، ولكن لن يكون من حقهم التصويت، في حال كان التصويت هاما جدا بالنسبة لهم، فلديهم 22 دولة عربية للاختيار من بينها، وإذا بقوا من دون موافقة السيادة اليهودية، فإن ذلك يعني الحرب. وفي السياق ذاته، قالت الصحيفة إن دوافع فايغلين السياسية تتمثل في تعزيز الدولة اليهودية كما قال، مضيفا أن إسرائيل هي موطن الشعب اليهودي. وهي ليست دولة لجميع مواطنيها، مشيرا إلى أن السبب في أن اليهود عادوا من المنفى إلى أرض الميعاد لم تكن لإقامة الديمقراطية، ولكن لخلق وطن. كما أشار إلى أن ميثاق الليكود "يرفض رفضا قاطعا" إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، حيث ينص الميثاق على وجه التحديد "أن هذه الأراضي يجب أن تكون جزءا من دولة اسرائيل"، ومايتوقعه فايغلين من نتنياهو هو التصرف وفقا لذلك الميثاق. وقد قال جيرشوم جورينبرج المؤرخ الإسرائيلي أن أنصار فيجلين "نجحوا للغاية في العمل ككتلة واحدة لدفع الحزب إلى اليمين"، أما من حيث تولى حزب الليكود، وأن يصبح فايغلين زعيما، لم يكن لديهم حقا فرصة، ولكن من الواضح كما يقول جورينبرج أنهم مارسوا تأثيرا قوي، ووزراء الحكومة وأعضاء الكنيست حريصون على تأمين دعمهم. وفي ختام تعليقها أشارت صحيفة "الجارديان" إلى أن فايغلين يعتزم تحدي نتنياهو مرة أخرى لتولى السيطرة، حيث قال "سوف يأتي الوقت لطرح ترشيحي، معربا عن اعتقاده بأنه يوما ما سوف يقود دولة إسرائيل".