عندما يطالع قراء صحيفة "الشروق" الجريدة صباح اليوم الخميس، سيجدون فراغًا كبيرًا بعدم وجود مقال الكاتب الكبير ورئيس تحرير الصحيفة، سلامة أحمد سلامة "من قريب"؛ بعدما غيبه الموت عن حياتنا الدنيا. سلامة أحمد سلامة، الذي ولد عام 1932، عاهد قراءه على الدوام، أن يكون سلسًا واضحًا وصريحًا على مدار ثلاثة عقود، ولعل اختيار عنوان مقاله "من قريب" فيه دقة بعيدة، حيث إنه كان دومًا قريبًا من قرائه وناقش ما أهمهم على الدوام. كانت للنشأة الأخلاقية والثقافية، أثرها في حياة سلامة:"في فترة الطفولة والتلمذة في المدرسة تتركز الجذور الأساسية في تكوين الشخصية من ناحية البناء الأخلاقي للفرد، ففيها تعلمت كيف يكون المرء أمينًا صادقًا يعتبر العلم قيمة أساسية في الحياة"، كما أن والده "الذي كان يعمل مدريا" ساعده كثيرًا في تكوين ثقافته "كان دائما ما ينصحني بالقراءة". التحق بكلية الآداب قسم الفلسفة، وتخرج فيها عام 1953، وعلل اختياره للفلسفة " كانت الأقرب إلى ميولي خصوصا أنها من العلوم التي تجمع بين الأدب والعلم وعلم تفسير الحياة إذ تعطي أبعادًا لها وعمقا". بعد تخرجه بعام بدأ حياته المهنية، في صحيفة "أخبار اليوم" عام 1954، وبعد سنوات قليلة من عمله في الأخبار، إذ حصل على منحة دراسية لدراسة الألمانية، ثم عمل مراسلا للأخبار من ألمانيا. يروي عن تجرتبه في أخبار اليوم فيقول:"كان عملي في أخبار اليوم على مدى عشر سنوات أول خطوة له في العمل الصحفي، وكانت أخبار اليوم آنذاك تقدم مدرسة جديدة في الصحافة، ولها امتداد في أوساط الشباب، فكانت تضم قمم عالم الصحافة من مصطفى وعلي أمين وكامل الشناوي وهيكل والتابعي. أتاحت له معرفته بالكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل الانتقال إلي جريدة الأهرام بعد تأميم الصحافة والتي أصابت جريدة أخبار اليوم بخلل وظيفي، وعمل هناك بقسم الشئون الخارجية وبعد فترة سافر ثانية إلى ألمانيا كمراسل صحفي للأهرام، وفي فترة الثلاثينيات والأربعينيات لم يكن للأهرام إلا مراسلا في باريس وأمريكا، ولم يكن مفهوم المراسلة قد تبلور بعد، فعندما سافر في الستينيات كنت أول من فتح الطريق للمراسلين في الخارج. بعد انتهاء فترة عمله كمراسل للأهرام في أوروبا، عاد للعمل في قسم التحقيقات الخارجية، وتولى رئاسته فترة من الفترات قبل أن ينتقل إلى الديسك المركزي، ثم أصبح مديرًا لتحرير الأهرام حتى مغادرته الجريدة إلى رئاسة فريق تحرير جريدة "الشروق"، والتي أنهى فيها مشواره الصحفي بعد تأسيسه لها مع مجموعة من زملائه. يحكي سلامة عن اليوم الأول له بالأهرام، واليوم الأخير أيضا:"أما أول يوم فكان في مبني الأهرام القديم في شارع نوبار. يومها كان القسم الخارجي يضم العتاولة أمثال جورج عزيز. وكان محمد حقي أول من قابلت. وكان الجميع ظرفاء استقبلوني بترحاب شديد. وبدأت العمل في يومي الأول بالمؤسسة لم يكن هناك لعب في الأهرام آنذاك. أما آخر يوم فقد طلبت خلاله من السكرتيرة أن تجمع لي أوراقي.. كان صعبا علي بالتأكيد أن أترك الأهرام وهو بيتي الذي قضيت داخله أكثر من 40 سنة ولكن كان الأصعب أن أبقى بعد أن تم تخييري أنا تحديدا إما البقاء في الأهرام أو ترك منصبي في جريدة الشروق. صحيح حاجة مؤلمة أن أترك الأهرام ولكن الأكثر إيلاما أن أضطر بعد كل السنوات الطويلة إلي التنازل عن أشياء معينة". حصل سلامة أحمد سلامة علي العديد من الجوائز، أقربها لقلبه جائزة مصطفى وعلي أمين.