سيطرة التيار الديني علي المناهج الدراسية أصبح تخوفا لدى الكثيرين، وبخاصة مع قرب الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد وانتشار شائعات حول رغبة التيار الديني في السيطرة على عملية تطوير المناهج الدراسية، وبالأخص في حالة تعيين وزير ينتمي إلى التيار الإسلامي. هذه المخاوف دفعت بعض أساتذة الجامعات و خبراء التعليم المطالبة بتأسيس مجلس أعلى للتعليم يتولى وضع السياسات التربوية خوفا من سيطرة الإسلاميين، أو ما يعرف ب"أسلمة المناهج"، واعتبروا أن الدور الذي يمارسه مركز تطوير المناهج التابع لوزارة التربية والتعليم ليس كافيا، حيث إن المركز يتأثر في النهاية بقرارات الوزير وسياساته. الدكتور عبد الله سرور الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأسكندرية وعضو حركة 9 مارس واحدا ممن راودتهم هذه المخاوف، ويرى الحل الأمثل للتغلب عليها أن يكون لدينا خطة قومية إستراتيجية ثابتة ينفذها أي وزير بغض النظر عن هويته وتوجهاته، لتكون خطة عامة يتم تطبيقها علي مدار سنوات، وقال سرور في حديثه ل"الوطن" إن ارتباط سياسات التعليم بوجود شخص معين على رأس وزارة التربية والتعليم ما هو إلا امتداد للدكتاتورية، وهو أمر لابد من القضاء عليه وعدم فتح الباب له مرة أخرى. يعتبر عبدالله سرور الحديث عن اضافة درجات مادة التربية الدينية إلي المجموع مجرد تشتيت للانتباه بأمور صغيرة لا يجب الالتفات له عند الحديث عن تطوير مناهج التعليم، و قال انه يعتبرها أيضا مجرد "فقاعات لشغل الناس"، وأشار إلى أن وضع الخطوط العريضة لسياسات التعليم من خلال مجلس أعلى يساعد على مواجهة هؤلاء الذين يطالبون تارة بإلغاء اللغة الإنجليزية ويحاولون تارة أخري فرض أفكارهم الظلامية لإفساد المناهج الدراسية. ومن جانبه، يؤكد دكتور شعبان عبد العليم، النائب السلفي عن حزب النور ورئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب أن الحديث عن المخاوف من سيطرة الإسلاميين على المناهج التربوية "ما هو إلا عبث، لأن الإسلاميين لا يملكون رؤية لتطوير التعليم تختلف كثيرا عن ما وضعه خبراء التعليم الليراليين"، و قال، ل"الوطن"، "اتعجب كثيرا مما يقال عن الاستعانة بتجارب دول الخليج لتطوير التعليم، فكيف لنا أن نستعين بتجارب من نساعدهم بخبراتنا المصرية لتطوير أنظمتهم التعليمية". وقال عبدالعليم "إن لجنة التعليم بمجلس الشعب تركت شأن تطوير التعليم للخبراء والقائمين علي تطوير المناهج التعليمية في وزارة التربية والتعليم حيث أنهم المعنيون بالأمر"، وأوضح أن الرؤية التي وضعتها اللجنة للتطوير تطمح للحصول على خريج لديه القدرة على التحليل ولديه اطلاع معرفي واسع، وتتمثل الرؤية في دراسة المنظومة التعليمية التي تحتوي علي مدخلات ومخرجات بمعنى أن الحديث عن التطوير لابد أن يشمل تطوير المؤسسة التعليمية نفسها بما تشمله من مسرح و نشاط اجتماعي ورياضي وتكنولوجي وحتى الأثاث المدرسي، إضافة إلى تطوير العنصر البشري بما يشمله من تحسين أوضاع المعلمين و الإدارات المساندة، فضلا عن توفير مصادر لتمويل هذه المؤسسة التعليمية حتي يصبح لديها القدرة علي تطوير نفسها، وكذلك الاطلاع على تجارب الدول الرائدة القريبة مننا في الظروف الاقتصادية مثل تركيا على سبيل المثال. أما عن ما يثار من جدل حول المطالبات بإلغاء اللغة الإنجليزية، رد دكتور شعبان عبد العليم قائلا "وهو معقول حد عاقل يقول كده"، واستنكر الفكرة والتي وفقا لما ذكر "تخالف أي خطة للتطوير ومجرد إثارة للشبهات واستخفاف بعقول الناس"، وبشأن ما يقال عن الرقابة على المدارس الدولية، قال عبدالعليم "إن الاستثمار يساعد علي تطوير منظومة التعليم، لكن لابد من مراقبة أداء هذه المدارس لضمان جودتها التعليمية وضمان حفاظها بالهوية المصرية وعدم المساس بها". و نفى رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب ما يتردد من شائعات عن رغبة حزب النور في الاستحواذ علي مقعد التربية والتعليم في التشكيل الوزاري الجديد أو ممارسته لأي ضغوط من أجل تحقيق ذلك، وقال إن حزب النور طالب الرئيس أن تكون الكفاءة هي المعيار الوحيد لاختيار الوزير. فيما رحب رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم بفكرة تأسيس مجلس أعلى أو قومي لوضع سياسات التعليم وقال أنه الوضع المثالي لتجنب ما حدث قبل الثورة من سيطرة وزراء بعينهم علي سياسات الوزارات، وقال إنها خطوة مهمة تضمن أن يكون الوزير هو مجرد منفذ لسياسات وخطط وضعها خبراء مستقلون يعرفون جيدا احتياجات المجتمع ومتطلباته، بغض النظر عن هوية الوزير سواء كان إسلاميا أو ليبراليا.