تتجه العلاقات بين تركيا وإيران إلي التأزم، السبب الرئيسي سوريا، فتركيا لم يعد لديها خيار العودة عن دعم الثورة في سوريا ، وإيران تري نظام بشار كنزا استراتيجيا لها لا يمكن التضحية به . المالكي زار إيران هذا الأسبوع في سياق بناء تحالف علي خط استراتيجي مستقيم يجمع طهران وبغداد ودمشق ، لحد أن مباحثات المالكي مع قادة طهران طرح فيها " وحدة البلدين معا". تركيا التي سعت لتصفير مشاكلها مع جيرانها، يعصف بها الربيع العربي، فإذا بأردوغان يتجه بسياسات بلاده إلي الخوض في المشاكل بقوله مطلع هذا الأسبوع وهو قادم من الدوحة إلي أنقرة إن سياسات المالكي ذات الطابع الشيعي تحاصر السنة في العراق. وهو ما اعتبره المالكي تدخلا لن تقبله بلاده في شئونها الداخلية، وفي الواقع فإن التلاسن الديبلوماسي بين الرئيسين هو تعبير عن صراع بين إيران وتركيا علي المنطقة العربية خاصة مراكز الثقل الاستراتيجي في شرق العالم العربي وهي بغداد ودمشق. وكان أردوغان استخدم تعبير استخدام إيران "للتقية" في علاقاتها الديبلوماسية مع بلاده وهو ما يجعلها تخسر حين قالت طهران إنها ستنقل محادثات البرنامج النووي الإيراني من اسطنبول إلي بغداد أو دمشق، وذلك ردا علي استضافة أنقرة لمؤتمر" أصدقاء سوريا "الذي ضم أعداء إيران الدوليين. وحذرت إيران تركيا من استضافة طارق الهاشمي نائب رئيس الوزراء العراقي الحليف الأهم لحكومة العدالة والتنمية في تركيا، وهو ما تراه أنقره عنوانا للمساس بنفوذها في بغداد وتأكيدا لعمق النفوذ الإيراني فيها. وتسعي تركيا لخطوة أمامية تستبق إمكان انهيار النظام في سوريا وبروز المشكلة الكردية التي يترتب عليها حكم ذاتي لهم ، علما أن أغلب مقاتلي حزب العمال الكردي المعادي لحكومة أردوغان هم من الأكراد السوريين ، ومن هنا كان لقاء عبد الله جول مع مسعود البرزاني لتحييد خطر مقاتلي حزب العمال ضد أنقره . الاصطفاف الاستراتيجي الإيراني لمحور طهران – المالكي في العراق – دمشق بشار ، يواجهه اصطفاف استراتيجي تركي محوره أنقره – الأكراد وعلاوي والهاشمي في العراق – المعارضة السورية . كل هذا التحاشد الاستراتيجي يؤكد الصراع الإقليمي علي المنطقة العربية التي لا تزال تعاني من فراغ استراتيجي لا تستطيع الرياضوالدوحة ملؤه في ظل غياب القاهرةودمشق . تركيا ( العثمانية ) وإيران ( الصفوية ) ، تاريخ الصراع القديم بينهما يعود من جديد، فعمق الثقافة والتاريخ يتجلي في الحاضر، ومهما جاءت موجات تقارب بين البلدين فإن حضور الماضي يغلب عوامل الشقاق.