«إزاى أبقى ممثل مدهش؟»، سؤال سأله مجموعة من الممثلين المستقلين لأنفسهم عام 2006، وحاولوا الإجابة عنه عبر تأسيس فريق مسرح «مدرسة القاهرة لفن الممثل»، واختاروا فن «المايم» أو التمثيل الصامت ليكون أسلوبهم فى الفريق باعتباره أحد فنون التمثيل الجامعة لكثير من فنون الأداء. نجح المشروع، واستطاع أصحاب الفكرة، هانى المتناوى ونورا أمين وسلام يسرى، أن يمتلكوا مشروعهم الفنى الذى يخططون له بحرية، دون مخاوف من سيطرة لأحد على حريتهم، أو توجيه لطريقة التعبير. آمن أعضاء المدرسة أن الخبرات المحلية غير كافية، خاصة فيما يتعلق بفن التمثيل الصامت، فكانت البداية مع أساتذة هولنديين لهم فرقهم المرموقة فى بلدهم، منهم يوخم ستافناوتر لتدريس المايم المعاصر، وكارينا هولا لتدريس المايم الكلاسيكى، وجيدو كلينيه لتدريس الارتجال فى فن المايم، وقدموا جميعا 300 ساعة تدريبية ل45 ممثل متدرب. هانى المتناوى، أحد مؤسسى «مدرسة القاهرة لفن المايم» يقول: «نحن فرقة مسرحية تسعى للوجود العالمى وتقدم فنا محترفا يعتمد على العمل الجاد المتواصل، اخترنا فن المايم لأنه يعتمد على الجسد بالدرجة الأولى، وهو ما يساعد الممثل المتدرب على التحرر من قوالب المسرح التى تفرض عليه كلمات منطوقة لا يعبر بغيرها». «المايم ليس رقصا ولكنه تعبير جسدى، يعتبر منهجا مغريا لطلاب فن التمثيل الراغبين فى أفق فنى ملهم وجديد، طريقة فى التمثيل بها بساطة وكثافة، تتطلب ممثلا من طراز خاص جدا، مستوى لياقته الذهنية والبدنية عالٍ، متناغم على أسلوب الأداء الذى يبدو كأنه من عالم آخر رغم أنه بسيط جدا»، يحكى المتناوى، مشيرا إلى العرض المميز «قالولى هنا»، الذى قامت الفرقة بتقديمه مؤخرا على مسرح روابط. عن طريقة التمثيل المختلفة التى تعتمدها الفرقة يقول: «نحن مهتمون بالصورة والموقف، صورة تتكون لأول وهلة، تعبر عن موقف بسيط، ثم يبدأ الممثل فى التحريك البسيط للصورة، فتتطور الصورة الذهنية لدرجة أن المشاهد يصبح باستطاعته أن يرى كيف يفكر الممثل، وينطلق معه فى مغامرات بصرية ذهنية فيها الصادم وفيها الرقيق دون الاعتماد على نص كلامى، وهو ما يتطلب تدريبات جماعية كثيرة، وبروفات على الأداء تشبه تمرينات التمرير والاستلام فى كرة القدم واليد والسلة والطائرة.. لازم يكون ممثل بيقدر يعمل فى فريق، ولازم يكون الفريق صاحب طريقة لعب حرفية وصنعة، ودى كلها حاجات مش بالساهل، فرص الفنانين المستقلين فيها معدومة تحت سلطة مؤمنة بعقيدة فرّق تسد». عن «قالولى هنا» يحكى المتناوى: «هى عبارة عن تابلوه مسرحى يعتمد على الصورة البصرية لغة، وحركة الممثلين ومهاراتهم هى مفردات تلك اللغة، تم تقديم المسرحية لخمس ليالٍ فى العام 2011 فى القاهرة دون إنتاج يذكر، أو بطريقة الإنتاج المستقل الذى يعتمد على الجهود الذاتية لعناصر الفرقة، ثم تم تقديمها فى مهرجان أورول المسرحى مع تطويرها بدعم من فرقة «داكار»، كنا نقدم عرضين فى اليوم، وكان الحضور كاملا فى كل العروض على مدرج الجمهور الذى يسع 150 تذكرة، وقد حققت المسرحية نجاحا جماهيريا واشتهر باسم العرض المصرى، وده خلانا نرجع ونقف فى وش الظروف الصعبة هنا اللى الفن فيها مابيأكلش عيش، استطعنا الحصول على منحة من مؤسسة نسيج لدعم الفنون قيمتها ستة آلاف دولار -36 ألف جنيه مصرى- تم إنفاقها على إنتاج المسرحية، وإيجارات أماكن التدريب والعرض وتكاليف سفر وإقامة الفريق، وبعد كل ده ومجهود المتطوعين إذا اتبقى شوية فلوس هنفرقها على الفرقة، ممكن كل واحد يطلعله ب500 جنيه لو عرفنا نوفر، قيمة تذكرة مشاهدة المسرحية 5 جنيهات، إحنا فنانين مستقلين فى حالة ثورة فنية ومشاركين فيها من قبل 25 يناير مرورا ب25 يناير وجمعة الغضب وماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود، وكل تجمع للشعب ضد النظام الذى لم يسقط بعد».