منذ بزوغ نجم الدعوة السلفية فى مطلع سبعينات القرن المنصرم، تقف من تنظيم الإخوان موقف المعارض لكثير من أطروحاته الفكرية والفقهية، الأمر الذى وصل بها إلى وصف التنظيم ب«المترخص» و«المبتدع» فى كثير من محطاته السياسية. وجاءت ثورة يناير ليقف حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، وتنظيم الإخوان فى خندق واحد، واستمرت على ذلك حتى استشعار «النور» بأن «الإخوان» يتعامل معه بنوع من الوصاية والأبوة دفعه إلى عدم الانضمام إلى قافلة الإسلاميين، حتى جاءت مظاهرات 30 يونيو، حينها وقف «النور» إلى جانب الشعب المصرى ورفض استكمال الرئيس «المعزول» مدته. جاء موقف حزب النور بمكاسب لقياداته، إلا أنه خسر قواعده السلفية وقياداته بالمحافظات، فأعلن الشيخ أحمد أبوالعينين، رئيس الدعوة السلفية بمحافظة الدقهلية، انشقاقه عن الدعوة قائلاً: «لا أرى شرعاً أن يبقى أحد معها وهى على هذه الحال.. لأنهم تمالأوا وتعاونوا وتكاتفوا مع قوى الشر ضد الرئيس المسلم»، وقال الشيخ أحمد السيسى، الداعية السلفى بالإسكندرية، إن حزب النور تآمر على «مرسى» فى الخفاء وبارك ذلك، مضيفاً: «كلامه خيانة للشعب المصرى، فماذا تقولون للأجيال عندما يتم تصويركم معهم، فوجودكم معهم يعطيهم شرعية لهذا الانقلاب». من جانبه، قال مصطفى زهران، الخبير بشئون الحركات الإسلامية: «النور» فى الوقت الراهن فقد أرصدته كلها وأعلن الإفلاس وخسر رهاناته جملة واحدة وأصبح موقفه صعباً بعد فقده قاعدته العريضة خاصة من جيل الشباب ولم يعد مقبولاً لدى النخب والتيارات العلمانية، حتى من المؤسسة العسكرية ذاتها. وأضاف ل«الوطن»: يدفعنا ذلك نحو التكهن بأن الحزب ربما يلجأ إلى السكون السياسى والمجتمعى والدعوى أو أن يقبل طوعاً وقسراً بأن يكون ديكوراً فى أى عملية سياسية مقبلة، فالخاسر الأكبر من هذه الأحداث ليست جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، إنما هو «النور»، فى الوقت الذى أضحت فيه القوى الإسلامية كالجسد الواحد فى مواجهة ما يطلقون عليها «الهجمة العلمانية الشرسة» و«حكم العسكر». وقال الشيخ محمد الأباصيرى، الداعية السلفى، إن حزب النور يتاجر بمسألة الهوية، مضيفاً: «أى كلام عن الهوية من قِبل حزب النور أو غيره إنما هو للمتاجرة بها ليس أكثر، ولإظهار أنهم لا يريدون إلا نصرة الشريعة ولا يبتغون الدنيا والمناصب وهو كذب أصلع وله قرون، فهم إنما يستخدمون الشريعة ذريعة للحصول على المناصب والكراسى، وإلا فهل يستطيعون ترك الحديث عن الدين والهوية والشريعة وما أشبه ثم ينزلون أى انتخابات؟ وأضاف ل«الوطن»: ألا فلتكفوا أيها الناس عن استغلال الدين ومن ثم تشويهه والإساءة إليه، واتقوا الله فى أنفسكم، وفى دينكم، وفى المسلمين، واعلموا أن ما عند الله من مناصب فى الدنيا لا يؤتى إلا بطاعته، واعتبروا بحال «الجماعة المنبوذة».