ليس هذا هو الخلاف الأول حول المادة الثانية للدستور والتي تنص على أن " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". تلك المادة التي عدلها السادات مسبقاً، وتحدث البعض حول تعديلها في 2007 على الرغم من أنها لم تكن مطروحة للتعديل آنذاك، كما أنها كانت الستار الذي دفعت به القوى الإسلامية نحو التصويت لصالح التعديلات الدستورية في استفتتاء مارس 2011 على الرغم من أنها لم تكن مطروحة للتعديل أيضاً. ومع اجتماعات الجمعية التأسيسية عاد الخلاف حول هذه المادة، فظهرت بوادر الأزمة مجددا بعد اجتماعات القيادات السلفية مع بعضها ومع الأزهر لبحث صياغتها. فقد طالبت القيادات السلفية استبدال كلمة "مبادئ" بكلمة "أحكام" لتكون أكثر تحديداً وتخصيصاً من وجهة نظرهم نظراً لاعتراضهم على تفسير المحكمة الدستورية العليا لكلمة (المبادئ) - الصادر منذ 20 عاماً – أن المبادئ تعتبر قطعية الثبوت والدلالة، معللين بأن هذا تفسير مسيس. وهو الرأي الذي خالفه د.نصر فريد واصل أحد ممثلي الأزهر في الجمعية التأسيسية، والذي صرح بأنه من الأفضل حذف كلمتي (الأحكام- المبادئ) والاكتفاء ب(الشريعة الاسلامية مصدر التشريع)، باعتبار أن (الشريعة الإسلامية) أعم وأشمل من (الأحكام والمبادئ). ولذلك كان رد فعل القيادات السلفية هو الموافقة على الإبقاء على كلمة( المبادئ) مع إضافة تفسير متفق عليه لهذه الكلمة في حال رفض الأزهر تغييرها. أما عن حزب الحرية والعدالة فإن موقف الحزب متفق مع وجهة نظر الأزهر فيما يخص مادة الشريعة. وفي المقابل، طالب أقباط المهجر بحذف المادة الثانية من الدستور باعتبارها ألحقت ضرراً كبيراً بمسيحيي مصر لأنها مادة فرز طائفي. على النقيض، أكدت الكنيسة الانجيلية والأرثوذكسية أنها مع بقاء المادة الثانية بنفس النص، على أن يضاف في مادة الحقوق والحريات بند (لغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم فيما يخص أحوالهم الشخصية). وختاماً، يجب على جميع الأطراف ألا يجعلوا من هذا الخلاف سبباً في أن تلحق هذه الجمعية بسابقتها ، خاصة بعد أن هددت الكنيسة الارثوذكسية أمس الأول بالانسحاب من الجمعية نظراً لتخوفها من صدور دستور يعبر عن إرادة تيار منفرد دون رغبة باقي الشعب. وهو إن حدث، سيؤدي للمزيد من الانسحابات ومن ثم انهيار الجمعية. وبالتالي ستعود الكرة لملعب المجلس العسكري ليعيد تشكيل الجمعية التأسيسية وفقاً للإعلان الدستوري المكمل.