يجري الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الفترة الحالية جولة آسيوية بدأها بزيارة إلى الصين، يُشارك خلالها في منتدى أعمال قمة "بريكس" لعام 2017، بدعوة من نظيره الصينى "شى جين بينج". وتتخذ زيارة الرئيس السيسي إلى الصين، أبعادا لا يجب إغفالها تتمثل في عدة محاور وهي: أولًا: محاولات مصر للانضمام لهذا الحلف، والتي تم اتخاذ الخطوات المبدأية بخصوصها، ما بعكس استقلالية وشجاع في القرار السياسي المصري حاليا، على نحو لم يكن متاحا منذ سنوات، حين ضغطت واشنطن على القاهرة لعدم الدخول في هذه المجموعة، وقبل ساعتها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ليصاب الخبراء المصريون بإحباط شديد. ثانيًا: هذه الخطوة تمثل مبدًأ جديدًا من مباديء التحرك المصري على المستوى الدولي، والتي يضع خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وضعا دوليا جديدا لمصر يتمثل في خلق روابط تجمع القاهرة بكل الكيانات المهمة على مستوى العالم، سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا، بحيث تصبح مصر جزءًا من النسيج الدولي على مستوى لاعبيه الكبار. وبموجب ذلك يمكن لصانع القرار المصري المفاوضة السياسية من واقع تكتلاته الاقتصادية، والمفاوضة الاقتصادية بموجب روابطه السياسية، والتحرك الدبلوماسي استنادا لصلاته الواسعة، وتمرير المصالح المصرية وفق شبكة علاقات شديدة التعقيد تربط مصائر دول وتكتلات كبرى بصورة مباشرة بمصر. ثالثا: هذا التحرك يأخذ في حسبانه شكل التجارة العالمية على مستوى العشرين عامًا القادمة والتي ترصدها علوم المستقبليات على أنها ستشهد سيادة صينية تامة ستحل محل الهيمنة الأمريكية على مجريات الاقتصاد والتجارة والثقافة في العالم. وإذا كانت السنوات القادمة ستشهد بزوغ نجم الصين وأحلافها المتحللة من "لوازم" و"نطاقات" هيمنة الولاياتالمتحدة، فإن مصر ربما للمرة الأولى في تاريخها، تتحرك على مستوى المصلحة القومية الآنية، وتضع في اعتبارها "احتمالات"المستقبل وتتصرف على ضوئها. وتعد هذه الخطوات إدراكا من صانع القرار المصري لطبيعة مصر التي ينبغي "تسليمها" للأجيال القادمة قيادةً وشعبًا، وعلى أي أرض صلبة ينبغي أن يقف عليها هذا الوطن.