أطلق مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية حركة جديدة للحفاظ على مدنية الدولة المصرية، تحت مسمى "مدنية" باعتبارها شرط أساسى لتحقيق الديمقراطية الحرة التي تحترم التعددية السياسية والثقافية والدينية في إطار سيادة القانون تحت شعار "مصر دولة مدنية .. لا دينية ولا عسكرية". جاءت المباردة كرد فعل على التطورات السياسية الأخيرة، وما صحبها من مخاوف بقيام دولة دينية عسكرية، قد تطيح بأهداف الثورة التي أتى على قمة أولوياتها قيام دولة مدنية ديمقراطية تحترم الحقوق والحريات. وتعمل حركة "مدنية" على ثلاث مستويات: تدريب وتأهيل كوادر سياسية ليبرالية شابة للمنافسة على المناصب المختلفة في الدولة، مراقبة أداء الرئيس محمد مرسي والحكومة لقياس مدى التزامهم بمعايير الدولة المدنية، وإطلاق حملة توعية واسعة النطاق تستهدف تعريف المواطنين في كافة أنحاء الجمهورية بأهمية مدنية الدولة. من ناحية أخرى، قام المركز بإصدار وثيقة لإقرار معايير الدولة المدنية مكونة من 9 مواد رئيسية؛ وتأتى هذه الوثيقة في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي أتت بجماعة دينية هي جماعة الإخوان المسلمين لحكم مصر واستمرار المجلس العسكري في لعب دور سياسي وفي ظل غياب الدستور، وما قد يترتب على ذلك من تخوفات سياسية وشعبية بالإطاحة بأهداف الثورة. وأوضح "ابن خلدون" أن دور هذه الوثيقة لا يتوقف عند إعلان المبادئ العامة للدولة المدنية فقط، ولكنها ستستخدم أيضاً كبوصلة لكافة أنشطة حركة "مدنية" التي يدشن لها المركز، والتي تستهدف خلق تيار مدني قادر على لعب دور مهم في مستقبل مصر السياسي. جاءت المادة الأولى، من الوثيقة للتأكيد على أن الدولة المدنية هي دولة ديمقراطية حرة يكون للشعب فيها السلطة العليا وتكون السيادة الأولى والأخيرة للدستور والقانون الذي ينظم العلاقة بين الشعب والنظام الحاكم، وينظم العلاقة بين السلطات التي تشكل هذا النظام بخلق حالة من التوازن والفصل النسبي فيما بينها. ونصت المادة الثانية منها "تقوم الدولة على مجموعة من المؤسسات التي تعمل بشكل متناغم لخدمة المواطنين وتيسير حياتهم، وتقر هذه المؤسسات مبدأ الشفافية وحرية تداول المعلومات. ويحق للمواطن محاسبة المسؤولين بكافة مؤسسات الدولة من خلال القنوات الشرعية وفي إطار القانون". وأكدت المادة الثالثة على ان المجتمع المدني بكافة قطاعاته، لا سيما القطاع الحقوقي المهتم بإعلاء قيم الحرية والعدالة، هو شريك أساسي في عملية صناعة القرار بالدولة كمستشار وكفاعل، لما له من دور مهم كهمزة وصل بين الشعب والحكومة. ويكون للحكومة دور إشرافي فقط على أداء المجتمع المدني دون أن تتدخل في أعماله بغرض الإعاقة أو التعجيز. وشددت المادة الرابعة على عدم استقواء أي مسؤول بالدولة بخلفيته الدينية أو العسكرية لفرض أنماط من السلوك على المواطنين أو التمهيد لاتخاذ قرارات سياسية. يجب أن تكون مصلحة الوطن والدستور هما فقط المرجعية الأولى والأخيرة لكافة المسؤولين بمؤسسات الدولة، لاسيما مؤسسة الرئاسة. ونصت المادة الخامسة على عدم التمييز السياسي أو الاجتماعي أو القانوني بين أبناء الشعب الواحد على أساس الدين أو العرق أو النوع، لما قد يترتب على ذلك من انقسامات حادة في نسيج الشعب المصري الواحد. وطالبت المادة السادسة بضرورة احترام الحقوق والحريات العامة والخاصة لكافة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والدينية والعرقية، ولا يحق للحكومة أو أي جماعة أو أي فرد الإضرار أو المساس بتلك الحريات، ومعاقبة من قد يرتكب أي أنتهاك لتلك الحريات في إطار القانون. وقالت المادة السابعة إن الدستور وثيقة "تفاوضية" بين الأطراف والجماعات المختلفة التي تنتمي لنفس الوطن ولا يجوز العبث بها أو تغيير نصوصها بعد إقرارها من جانب الشعب. يجب أن يتبنى الدستور احترام الحقوق والحريات العامة والخاصة بما يتوافق مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر. وحذرت المادة الثامنة من عدم التلاعب بالقوانين وتغييرها بين الحين والآخر، وتفعيل مبدأ التعديل على اللوائح التنفيذية للقوانين وليست القوانين ذاتها، بينما جاء المادة التاسعة والتى نصت على ان تكون حرية التنظيم وتكوين كيانات حزبية أو اجتماعية أو حقوقية مكفولة بالإخطار، وعلى من يتضرر من إحدى هذه التنظيمات اللجوء للقضاء وليس العكس.