يفخر المعقدون نفسياً من ثورة يناير بيوم (30 يونيو)، ويؤكدون أنه اليوم الذى احتضن الثورة الحقيقية، وأغلب من يرددون هذا الكلام هم من «معازيم 30 يونيو»، وليسوا من ثوار يناير الذين نزلوا يوم (30 يونيو) أيضاً للتخلص من حكم الإخوان، يتعامى «معازيم الثورة» عن هذه الحقيقة وينسبون لأنفسهم فضل إسقاط «مرسى» وجماعته. وأستطيع أن أؤكد أن يوم (30 يونيو) شهد الموجة الثالثة لثورة 25 يناير، التى سبق ومرت بموجة أولى يوم اندلاعها فى يناير من عام 2011 لتطيح ب«مبارك»، وموجة ثانية شهدها شهر نوفمبر 2011 وكان من نتائجها خروج المشير محمد حسين طنطاوى، معلناً تسليم الحكم لرئيس مدنى منتخب فى 30/6/2012، لتخرج مصر من تجربة الحكم العسكرى بعد 60 عاماً من العيش فى ظلاله. ومشكلة الكثير من المعقدين نفسياً من ثورة 25 يناير، لا ترتبط بالحنق على الغضبة الشعبية العارمة التى أسقطت نظام «مبارك»، قدر ما ترتبط بالنقمة الشديدة على النظام الذى أفرزه الشارع المصرى بعد ثورة 25 يناير، وأقصد به نظام «مرسى» وجماعته، فأمام إحساس هؤلاء بالعجز عن مواجهة الإخوان أسقطوا غضبهم على ثورة 25 يناير، وتناسوا أن الجماعة لم تظهر فجأة كإفراز لثورة يناير، بل كانت مثل الزائدة الدودية المسممة التى كمنت فى الجسد المصرى عبر 85 عاماً، والصحة والعافية التى أوجتها الثورة فى هذا الجسد هى التى ساعدته على لفظ وتقيؤ هذا الزائدة المسممة فى (30 يونيو). كلام «المعقدين» عن ثورة يناير يعكس إلى أى مدى يمكن أن تؤثر العقد النفسية على قدرة الإنسان على التفكير، وقراءة الواقع من حوله بصورة عاقلة ومتأنية. فنزول المصريين بالملايين فى 30 يونيو، كان مبعثه إحساساً راسخاً لديهم بأن شيئاً لم يتغير فى حياتهم، وأن النظام الإخوانى الجديد لا يلتفت إلى تحقيق مطالب الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، بعد أن وجدوا «مرسى» غارقاً فى التمكين لجماعته، ومنصرفاً عن الالتفات إلى ما يعانيه المصريون من مشكلات معيشية، ضاعفت من هموم حياتهم، وزاد الطين «بلة» اتجاه خفافيش النظام الإخوانى إلى اتهام الشعب المتململ من أدائهم فى دينه وإسلامه، هنالك اندفع المصريون إلى النزول للشوارع من أجل التغيير، استكمالاً لمشوار المطالبة بالتغيير والإصلاح، إذن نزول المواطنين فى 30/6 لم يأت استجابة ل«الزنانة الإعلامية»، أو بسبب الدعوات التى تبناها مناضلو الفضائيات، أو نجاح الخطط التى قادها بعض فلول نظام مبارك فى تثوير المصريين على الإخوان. لقد ثار الشعب عندما شعر بأن المطالب التى رفعها فى 25 يناير لم تتحقق، وسوف يظل هكذا فى حالة ثورة حتى ينجز هذا الهدف، فما زال فى أحشاء الوطن الكثير بعد 30 يونيو، وستكون أولى معاركه مع «وطاويط الفساد» التى تريد العودة من جديد.