وعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في مقال له في صحيفة صنداي تلجراف البريطانية أمس، بإجراء استفتاء شعبي حول مستقبل علاقة بلاده بالاتحاد الأوروبي في ظل تعقد أزمة اليورو التي تعاني منها الدول الأوروبية، فيما رأى الخبير الاقتصادي عبد القادر خيشي من باريس في تصريحات للوطن إن "كاميرون يتهرب من تحمل أعباء وديون دول منطقة اليورو باستفتاء الشعب". ولخص كاميرون دوافعه لاتخاذ هذه الخطوة بقوله: "نحن بحاجة إلى أن نكون واضحين لنختار السبيل الأنجع لمستقبل أفضل لبريطانيا". وبدأ كاميرون مقاله بالقول: "إنه لأمر حيوي بالنسبة لبلادنا، ولقوة اقتصادنا، ولصحة ديمقراطيتنا، ولنفوذ أمتنا أن تكون علاقتنا مع أوروبا صحيحة وتسير على الطريق الصحيح". وأكد أنه ليس ضد إجراء الاستفتاءات الشعبية عبر الديمقراطية البرلمانية، لطالما أن البرلمان منتَخب أصلا لاتخاذ القرارات وليكون خاضعا للمساءلة. لكنه يرى أنه عندما يتعلق الأمر بنقل السلطات والصلاحيات إلى مكان آخر من القارة الأوروبية، فمن الصواب أن يُسأل الشعب ويُستفتى حول ذلك. وأضاف : "ولهذا السبب سنضمن للشعب الاسكتلندي أن يتمكن من إجراء استفتاء شعبي (حول استقلاله عن بريطانيا)، وذلك لأن لديهم حكومة منتَخبة، ولديها تفويض بإجراء أمر مثل هذا". وأردف قائلا: "حكومتنا ستجري استفتاء سيكون بمثابة القفل الذي يمنع أي حكومة في المستقبل من أن تنقل أي سلطات من بريطانيا إلى بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) دون أن تسأل البريطانيين عن رأيهم في ذلك". وقال الخبير الاقتصادي من باريس عبد القادر خيشي ل "الوطن": إن "كاميرون يريد أن يتخلص من الإحراج أمام زعماء أوروبا الذي يضغطون عليه ليدفع ببريطانيا نحو التكامل المصرفي والاقتصادي باستفتاء الشعب، حتى يقول لهم الشعب البريطاني هو الذي اختار وقال لا بشأن مزيد من التكامل مع الاتحاد الأوروبي". وأضاف "من المعروف ان بريطانيا منذ بداية الاتحاد الأوروبي لم ترغب في الانضمام للعملة الموحدة، ومن المنطقي جدا أن ترفض الآن أن ترضخ لضغوط ألمانيا بقيادة ميركل وتتجه نحو التكامل في ظل الأزمة المالية المتصاعدة". ونشرت صنداي تليجراف أيضا تحقيقا لمحررها للشؤون السياسية، باتريك هينيسي، يتناول فيه بالرصد والتحليل دوافع كاميرون لكتابة مقاله هذا، واتخاذه هذا الموقف الذي عبَّر عنه من خلاله. ويقول هينيسي: "كاميرون يريد أن يقول من خلال مقاله إن بريطانيا تواجه خطر الإغراق بتشريعات وقوانين الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن البيروقراطية التي يرغب أصلا في التخلص منها". ويرى: "أنه يوضح بجلاء للمرة الأولى أن تلك التغييرات ستحتاج إلى دعم يكون نابعا من صميم قلوب البريطانيين".